لنا بدّ من أن نقول بسقوط كل من الوجوبين ، وأن المجعول في المقام شيء واحد وهو الوجوب ، وأن الترديد يتوجه إلى متعلقه ، فيكون من قبيل الوجوب التخييري ، ويكون ذلك الوجوب التخييري وجوبا شرعيا مستكشفا بطريق العقل ، وهو ما ذكرناه من الترديد العقلي الراجع إلى إبطال الشقوق الأربعة أعني ارتفاعهما ، وبقاءهما ، وارتفاع أحدهما المعيّن وبقاء الآخر ، وارتفاع أحدهما المردد وبقاء الآخر.
وبعد إبطال هذه الوجوه الأربعة نلتزم بأن المجعول هو وجوب واحد ويكون الترديد في متعلقه ، وذلك عبارة أخرى عن الوجوب التخييري الشرعي.
أما لو جعلنا التدافع بين الاطلاقين فلا تتأتى فيه الطريقة المزبورة ، لأنا بعد إبطال كل واحد من الشقوق الأربعة لا يمكننا استكشاف شيء نظير ذلك الوجوب التخييري ، ولأجل ذلك حكم شيخنا قدسسره بسقوط كلا الاطلاقين. لكنك قد عرفت أنه لا يمكننا الحكم بسقوطهما ، لأن الذي يسقط الخطاب في أنقذ الغريق هو إطلاق الخطاب في أطفئ الحريق ، وتحقق الاطلاق في الثاني موقوف على سقوط الاطلاق في الأوّل ، وهكذا الحال من طرف العكس ، فلا بدّ لنا من القول بكون كل من الخطابين في نفسه رافعا للخطاب في الآخر إلى آخر ما تقدم في كيفية الترافع بين التكليفين خطابا لا ملاكا ، وتكون النتيجة هي الخطاب الواحد بأحد الفعلين على ما عرفت تفصيله.
وما أفاده قدسسره من أن التدافع إنما هو بين الاطلاقين ببرهان أنا لو قيدناهما يرتفع التدافع بينهما ، قد عرفت التأمل فيه من جهة إمكان أن يقال