متعلق ذلك الوجوب الذي أوجده أعني الصوم والصلاة مع فرض كون المجعول شيئا واحدا وهو الوجوب ، وهذا لا بأس به ولا مانع منه لأنه من قبيل الواجب التخييري ، وتارة يكون الترديد في نفس ذلك الوجوب المجعول بين كونه وجوب صيام أو كونه وجوب صلاة ، بمعنى أن نفس المجعول مردد بين شيئين ، فهو نظير أن يقول أوجبت عليك القيام أو حرّمت عليك الكلام ، فان هذا الترديد في ناحية المجعول يوجب أن لا يكون قد جعل شيئا منهما.
إذا عرفت هذا فنقول : إن ما ذكرناه في المترافعين خطابا وملاكا أو المترافعين خطابا لا ملاكا من أنهما لا يمكن تحققهما معا لكون كل منهما رافعا للآخر ، ولا يمكن ارتفاعهما معا لتحقق موضوع أحدهما خطابا وملاكا أو خطابا فقط ، ولا يمكن أن يتعين أحدهما المعيّن للارتفاع والآخر معينا للبقاء لكونه ترجيحا بلا مرجح ، فلا بدّ أن يكون المرتفع أحدهما لا بعينه والباقي هو أحدهما لا بعينه ، لا يكون منتجا للتخيير الشرعي ، بل هو منتج لكون المجعول هو أحد الوجوبين الذي قد عرفت عدم معقوليته.
لكن عدم المعقولية إنما هي في مقام أصل الجعل ، أما في مقام البقاء بعد أن تم الجعل بالنسبة إلى كل من التكليفين وقد طرأ ما يوجب ارتفاع واحد منهما لا بعينه ، فالظاهر أن ما ذكرناه من عدم المعقولية لا يتأتى فيه ، فان ذلك نظير ما لو أسلم على أزيد من أربع حيث إنه يوجب بطلان زوجية إحداهن ، بمعنى بطلان إحدى تلك العلق الحاصلة بينه وبين كل واحدة من تلك الزوجات ، وحينئذ فلا مانع من القول بأن الباقي هو أحد التكليفين.
نعم ، لو قلنا إن ذلك غير معقول كما في مقام أصل الجعل ، لم يكن