على نحو النكرة على رأي صاحب الفصول (١) ، فليس لنا أن نقول إن الباقي هو أحد هذين التكليفين لا بعينه ، نظير ما نقول إن المنعتق هو أحد هذين العبدين لا بعينه ، فان الانعتاق قابل للتعلّق بما هو مصداق أحدهما بناء على معقولية تعلق العتق بالفرد المردد ، بخلاف البقاء والسقوط بالنسبة إلى نفس هذين التكليفين فانه غير قابل للتعلق بالفرد المردد بين التكليفين ، فليس لنا أن نقول إن الباقي هو أحد التكليفين المتعلق أحدهما بانقاذ الغريق والآخر باطفاء الحريق إلاّ بقلب المسألة ، بان نقول : إن ذلك المكلف بعد تزاحم ذينك التكليفين وتساقطهما يتوجه إليه تكليف واحد يتعلق بأحد الأمرين من إطفاء الحريق وإنقاذ الغريق ، ومن الواضح أنه ليس هذا براجع إلى الأول ، للفرق الواضح بين كون المتوجه إلى المكلف هو واحدا من ذينك التكليفين ، وكون المتوجه إليه هو التكليف بأحد ذينك الفعلين ، فان هذا الثاني تكليف جديد لا ربط له بما تقدم من أحد التكليفين المتزاحمين.
وبالجملة : أن من أعتق أحد عبديه قد أوجد عتقا واحدا ، وإنما كان الترديد في متعلقه ، فنفس العتق لا تردد فيه وإنما كان المردد هو ما تعلق به ذلك العتق الواحد ، ولا يعقل أن يكون العتق الذي أوجده المعتق مرددا بين عتقين ، فان ذلك التردد موجب لعدم تحقق العتق ، فان قوله أوجدت عتق عبدي سعيد أو أوجدت عتق عبدي خالد نظير أن يقول أوجدت عتق هذا العبد أو أوجدت تزويج عبدي الآخر من جاريتي فلانة ، فان ذلك الترديد الواقع على كل من العتق والتزويج يوجب عدم وقوع شيء منهما ، وهكذا الحال فيما يوجده الآمر في قوله صم أو صل. فالترديد تارة يكون في
__________________
(١) راجع الفصول الغروية : ١٦٣.