حاكما يتوقف على تحقق ملاكه ، وذلك متوقف على سقوط الأمر بالمهم وسقوطه يتوقف على كون الأهم حاكما ، فتكون النتيجة حينئذ هو عدم فعلية حكومة أحدهما على الآخر لما عرفت من لزوم الدور ، وعدم تحقق كل منهما إذ لا ملاك إلاّ واحد ، وعدم ارتفاع كل منهما لتحقق الملاك لأحدهما ، وحينئذ تكون النتيجة هي ثبوت أحدهما وتحققه ، فيكون المكلف به هو أحدهما على البدل ، وهو التخيير الشرعي المستكشف بطريق العقل من طريق هذا التحاكم والتوارد بين الحكمين.
وبعبارة اخرى : أن طبع المسألة يفضي بعد كون كل منهما رافعا لموضوع الآخر إلى أن الثابت بحكم العقل هو التكليف الشرعي بأحدهما على البدل ، فليس ذلك من باب التزاحم الآمري ليرجع إلى باب التعارض ولا من التزاحم المأموري ليكون التخيير عقليا ويكون الترجيح بالأهمية ، بل هو من باب التوارد والتحاكم ، ونتيجته هو أن الثابت والمحقق في وعاء التشريع هو أحد هذين التكليفين الشرعيين ، بعد أن حكم العقل بمحالية التوارد والتحاكم ، فتأمل. وسيأتي له مزيد توضيح إن شاء الله تعالى عند التعرض للمشروطين بالقدرة العقلية (١) ، وعند الكلام على المقدمة الاولى والمقدمة الخامسة من مقدمات الترتب (٢) ، وقد تقدم له مزيد توضيح في مبحث الواجب التخييري (٣).
نعم ، إنّ انسداد باب الترجيح بالأهمية قابل للمناقشة ، لأن كلاّ منهما في حد نفسه مع قطع النظر عن الآخر مقدور ، وإنما يحصل التحاكم بالنظر
__________________
(١) راجع الحاشية المذكورة في الصفحة : ٢٥٦ وما بعدها.
(٢) راجع الصفحة : ٣٠٠ وما بعدها ، وكذا الصفحة : ٣٧١ وما بعدها.
(٣) راجع المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٦٢ وما بعدها.