مع التيمم وإزالة النجاسة عن المسجد أو المصحف وكان عالما بذلك الضيق والنجاسة ، فان غسله يكون باطلا ، بخلاف ما لو كان جاهلا بذلك ، سواء كان جاهلا بأصل النجاسة أو كان عالما بها لكنه تخيل سعة الوقت لكل منهما فتبين خلافه.
والحاصل : أن التكليف المزاحم لما هو مشروط بالقدرة الشرعية يكون حاله حال ما لو زاحم المشروط بالقدرة العقلية ، في أن سالبيته للقدرة ومزاحمته له منوطة بالتنجز بالعلم ، وأن الجهل بأصل التكليف المزاحم أو الجهل بالمزاحمة بعد فرض العلم بأصل التكليف المزاحم يكون رافعا للمزاحمة ، وموجبا لعدم كون ذلك التكليف المزاحم سالبا للقدرة على ذلك التكليف الآخر ، سواء كان ذلك التكليف الآخر مشروطا بالقدرة العقلية أو كان مشروطا بالقدرة الشرعية ، حيث إن سالبيته للقدرة إنما هي من حيث التنجز واقتضائه اشتغال المكلف به ، لا بمجرد وجوده الواقعي.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، حيث إن الجاهل بالضيق وإن كان عالما بوجوب إيقاع الصلاة في الوقت ، إلاّ أنه لما تخيل سعة الوقت لم تكن عنده الطهارة المائية مزاحمة للوقت ، فكان يرى نفسه قادرا عليها ، فلا تكون في البين مزاحمة كي تكون طهارته المائية باطلة ، وحينئذ لا بدّ لنا في الحكم ببطلان الوضوء في هذه الصورة مع الجهل بالضيق من رفع اليد عن طريقة المزاحمة ، وسلوك الطريقة المتقدمة أعني الادلة على سقوط الأمر بالوضوء وعدم مشروعيته ، فيكون الوضوء باطلا سواء كان عالما أو كان جاهلا بالضيق.
اللهم إلاّ أن يقال : إن المزاحمة إنما يسقطها الجهل إذا كان الجهل متعلقا بأصل التكليف المزاحم ، أما الجهل المتعلق بنفس المزاحمة كالجهل