بالضيق فيما نحن فيه وفي مثال ضيق الوقت عن الجمع بين الطهارة المائية وازالة النجاسة عن المصحف أو المسجد (١) أو الجهل بعدم كفاية الماء لكل منهما ، فلا يكون مسقطا للمزاحمة ، فتكون الطهارة المائية في مثل ذلك باطلة لتحقق المزاحمة ، فتأمل فان ذلك غير بعيد.
بل لا يبعد القول بأن الجهل بوجود النجاسة لا يؤثر في رفع المزاحمة مع الواجب المشروط بالقدرة الشرعية الذي هو الوضوء ، فان هذا الشخص الجاهل بوجود النجاسة في المصحف أو المسجد أو الناسي لذلك وإن لم يكن فعلا مخاطبا بها ، إلاّ أن الأمر الواقعي بازالتها يكون في الواقع رافعا لموضوع الطهارة المائية الذي هو القدرة ، فلا يكون في الواقع مكلفا بالوضوء ، وإنما يكون الجهل المذكور نافعا فيما لو كان ذلك التكليف الآخر غير مشروط شرعا بالقدرة ، فينبغي أن يحكم ببطلان الوضوء في مورد الجهل بالنجاسة في المسجد أو على المصحف.
لكنهم على الظاهر لم يلتزموا ببطلان الوضوء في مثل ذلك ، كما يشهد بذلك ما ذكره في العروة في كتاب الحج ، وذلك قوله قدسسره : وإن اعتقد عدم مانع شرعي فحج فالظاهر الاجزاء إذا بان الخلاف ، وإن اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف فالظاهر الاستقرار (٢) ، ولم يعلّق عليه شيخنا قدسسره. ومراده من المانع الشرعي هو التكليف المزاحم لوجوب الحج الذي يكون مقدما على الحج في مقام المزاحمة.
__________________
(١) مع قطع النظر عن كونها فورية ، فان فوريتها توجب عليه تقديمها لاعتقاده سعة الوقت. والأولى أن يمثّل لذلك بما لو اعتقد كفاية ما عنده من الماء لطهارته ولمن يخاف عليه العطش ، فتوضأ ثم تبين أنه لا يكفي [ منه قدسسره ].
(٢) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٤ : ٤٢١ / ضمن المسألة ٦٥.