تقدم (١) من الأدلة على سقوط الأمر بالوضوء في الفرض المزبور ، ولو من جهة المحافظة على الوقت ، على وجه لو فرضنا أن الوضوء غير مشروط بالقدرة الشرعية لكانت تلك الأدلة كافية في الدلالة على أنه غير مأمور به في المقام.
ولو لا هذه الجهة وبقينا نحن والمزاحمة للوقت ، وأن الوقت مقدّم ورافع في مقام المزاحمة للقدرة على الوضوء ، لكان لازم ذلك هو صحة الوضوء في مورد الجهل بالضيق وقد أفتوا بفساده ، ألا ترى أنه لو كان عنده من الماء ما لا يكفيه إلاّ لأحد الأمرين من إزالة النجاسة عن المصحف أو المسجد أو صرفه في الغسل أو الوضوء ، فانه يسقط الوضوء أو الغسل ، لكون صرف الماء في إزالة النجاسة عن المسجد أو المصحف موجبا في مقام المزاحمة لسلب قدرته على الغسل أو الوضوء ، فيكون وضوءه باطلا مع العلم بالنجاسة المذكورة ، أما مع الجهل بها فلا يكون وضوءه المذكور باطلا.
وهكذا الحال فيما لو كان عالما بالنجاسة المزبورة لكنه تخيل أن الماء يكفيه لازالتها وللطهارة المائية ، ثم بعد أن أقدم على الطهارة المائية تبيّن له أن الماء لا يكفي لهما ، فان طهارته المائية تكون صحيحة.
وهكذا الحال فيما لو كان معه عطشان مشرف على التلف من العطش وكان صاحب الماء لا يعلم بذلك وأقدم على الوضوء بذلك الماء ، فان وضوءه يكون صحيحا.
وهكذا الحال فيما لو بقي من الوقت مقدار الصلاة مع الغسل أو هي
__________________
(١) في صفحة : ١٩٣ ـ ١٩٥.