بل لما عرفت من أن العقل يمنع من صحة التخيير المذكور في عرض حكمه بلزوم إطاعة الازالة ، وحينئذ لا مندوحة لنا إلاّ أن نقول إن العقل إنما يصحح هذا التخيير في فرض عصيان المكلف ما حكم به العقل والشرع من لزوم الإتيان بالازالة في ذلك الوقت الخاص ، وذلك عبارة اخرى عن الالتزام بالترتب.
ومن ذلك يظهر لك الحال فيما لو كان ضد الازالة مباحا كالنوم مثلا فان الأمر بالازالة لمّا كان سالبا للقدرة على النوم يكون موجبا لسقوط إباحته ، بمعنى أنه يوجب سقوط الحكم الشرعي بأنه يجوز لك فعل النوم على حذو سقوط الخطاب الالزامي بالصلاة.
قوله : أحدهما فيما إذا كان أحد الواجبين تخييريا عقليا أو شرعيا مع كون الواجب الآخر تعيينيا ... إلخ (١).
قال قدسسره فيما حررته عنه : إن ما ليس له بدل مقدّم على ما له البدل في البابين ، ولكن ملاك التقديم فيهما مختلف ، ففي باب التعارض إذا كان مفاد أحد الدليلين العموم الشمولي مثل لا تكرم الفاسق ومفاد الآخر العموم البدلي مثل أكرم عالما ، كان الأوّل مقدّما على الثاني ، لما حققناه (٢) في باب التعارض من حكومة الأوّل على الثاني ، لأن مدرك العموم في الثاني هو الاطلاق وعدم البيان ، والدليل الأوّل صالح لأن يكون بيانا ، سواء كان عمومه الشمولي بالوضع كما في مثل لا تكرم الفسّاق أو بالاطلاق كما في مثل لا تكرم فاسقا. وفي باب التزاحم إذا كان أحد المتزاحمين موسّعا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٩٣ ، فوائد الأصول ٤ : ٧٢٩.