فيه لا يزاحم الخطاب بذلك الواجب التعييني ، وحينئذ لا نكون في مثل تزاحم الازالة مع الصلاة محتاجين في تصحيح الصلاة إلى الترتب ، بل بناء على ذلك لا معنى للترتب ، إذ لا يمكن أن يكون الخطاب التخييري بالصلاة مشروطا بعصيان الأمر بالازالة ، بل يكون أمرها التخييري متحققا خطابا في درجة الأمر بالازالة لعدم التنافي بينهما ، وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في بعض الحواشي السابقة (١).
وبالجملة : أن هذا الأمر التخييري لعدم كونه اقتضائيا ولعدم اشتماله على التحتم يكون حاله حال الاباحة ، فكما أنا نقول إن الأمر بالازالة لا ينافي إباحة الاشتغال بشغل آخر مثل النوم ونحوه على وجه لا يكون موجبا لخدشة في إباحة النوم ولو في مرحلة الخطاب ، فكذلك ينبغي أن نقول في نسبته إلى الأمر بالصلاة بعد فرض كونه تخييرا لا تحتيم فيه.
اللهم إلاّ أن يقال : إن الأمر التخييري ولو كان غير اقتضائي لا يكون مؤثرا ولو بتلك الدرجة من الطلب التخييري في مقام مزاحمته مع الأمر بالازالة ، فيكون تخييريته وعدم كونه اقتضائيا موجبا لاندحاره عند المزاحمة مع الأمر بالازالة ، لا أن عدم اقتضائيته مصححة للجمع بينه وبين الأمر بالازالة.
وفيه تأمل ، فان شأن الواجب التخييري سواء كان شرعيا أو كان عقليا ما كان يجوز تركه إلى بدله ، سواء كان ذلك ـ أعني الحكم بجواز تركه إلى بدله ـ شرعيا أو كان عقليا ، ومع فرض كونه محكوما ولو بنظر العقل بجواز تركه إلى بدل لا يكون توجهه منافيا ومعاندا لما يكون محكوما بعدم جواز
__________________
(١) في صفحة : ١٤٠ ، ١٤٣.