والوجه في إلحاق التكليفين اللذين يكون عدم القدرة على الجمع بينهما دائميا بالتعارض هو لغوية أحدهما ، ولو باعتبار علم الشارع بأن المكلف يحكم عقله بسقوط إطلاقه خطابا أو بسقوط لزوم امتثاله ، ومع العلم بلغوية أحدهما يكون المكلف عالما بأن الروايتين اللتين تضمنتاهما غير صادقتين معا ، فيلزمه إجراء أحكام التعارض عليهما.
وهذا بخلاف اتفاق عدم القدرة ولو في التكاليف الانحلالية مثل أنقذ كل غريق وأطفئ كل حريق ، واتفق اجتماع الغريق والحريق مع عدم إمكان الجمع بينهما ، فان كل واحد من هذين وإن كان موردا للوجوب ، وكان عدم إمكان اجتماع وجوبه مع وجوب الآخر دائميا ، إلاّ أنه لا يضر بصدور ذلك التكليف الكلي المتضمن لانقاذ كل غريق وإطفاء كل حريق ، إذ لا يكون ذلك الحكم الكلي لغوا ، وأقصى ما فيه أن بعض أفراده غير مقدور وهو ما اتفق مع الآخر ، وهذا الفرد يحكم العقل بسقوط التكليف فيه خطابا أو بعدم لزوم امتثال الأمر الانحلالي المتعلق به ، إلاّ أن الشارع يمكنه أن يصدر الحكم الكلي وإن كان ساقطا في بعض أفراده خطابا ، ولا يلزمه بيان سقوطه في ذلك الفرد اعتمادا على الحكومة العقلية المذكورة ، بخلاف ما لو كان عدم القدرة في التكليف بتمامه دائميا ، لأن صدوره من الشارع مع فرض حكم العقل بأنه ساقط بتمامه خطابا ، أو بأن العقل حاكم بسقوطه امتثاله بتمامه يكون لغوا صرفا.
وبالجملة : أن حكم العقل بسقوط الحكم الواقعي الكلي في بعض أفراده خطابا أو في مقام الامتثال لا يوجب لغوية ذلك الحكم الكلي للاكتفاء بخروجه عن اللغوية بباقي الأفراد التي هي ليست موردا لذلك الحكم العقلي ، وهذا بخلاف حكم العقل بسقوط تمام ذلك الحكم الواقعي