الحكم على طبقه ، ويبقى الآخر لغوا لا يستتبع حكما ، فان لم يترجح عنده أحد الملاكين على الآخر حكم بالتخيير أو الاباحة ، ويسمى ذلك بالتزاحم الآمري أعني تزاحم الملاكات في مقام الجعل والتشريع. وعلى أيّ حال لا تكون النتيجة في اجتماع الملاكين في ذلك المقام إلاّ جعل حكم واحد كما لو لم يكن في البين إلاّ ملاك واحد.
ثم بعد جعل الحكم الواقعي تصل النوبة إلى مقام الاثبات والحكاية فربما كانت رواية تدل على حرمة الشيء واخرى تدل على وجوبه ، وحينئذ قهرا نحن نعلم أنهما معا غير مجتمعين على الصدق والمطابقة للواقع ونحتمل صدق إحداهما ومطابقتها للواقع دون الاخرى ، كما نحتمل عدم مطابقتهما معا للواقع وأن الحكم الواقعي على خلافهما ، و [ في ](١) هذا المقام أعني مقام الحكاية عن الواقع يقع التعارض ، وهو منحصر في ثلاثة أنواع : تعارض التباين ، وتعارض العموم من وجه ، وتعارض العموم والخصوص المطلق ، ومنه تعارض الاطلاق والتقييد.
أما التزاحم فان كلا من الحكمين فيه مفروض المطابقة للواقع ، وإنما يقع التدافع بينهما لأجل اتفاق عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما فالتعارض لا يكون إلاّ في مقام التنافي في مقام الحكاية مع فرض وحدة المحكي أعني الحكم الواقعي وعدم تعدده ، واحتمال كون المطابق هو إحدى الحكايتين دون الاخرى ، أو احتمال عدم مطابقتهما مع فرض العلم بعدم صدقهما معا ، والتزاحم إنما يكون بعد فرض صدق كل من الحكمين وأن التدافع بينهما إنما هو في مقام الخروج عن عهدتهما ، لعدم إمكان
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].