كون الباعث على الطلب كونه على نحو الداعي لارادة المكلف ، لما قدّمه قدسسره (١) من أن عدم القدرة على بعض الأفراد لا يخرج صرف وجود الطبيعة عن كونه مقدورا ، ولو قلنا بأن المطلوب هو الطبيعة على نحو السريان كان عدم القدرة على البعض موجبا لخروجه عن متعلق الأمر ، سواء كان المانع هو قبح تكليف العاجز أو كان المانع هو داعوية الأمر إلى إرادة المكلف.
وإن شئت فقل : إن النزاع مع المحقق الثاني إنما هو في أن عدم القدرة على بعض الأفراد الطولية للطبيعة الناشئ عن الأمر بضدها في ذلك الوقت ، هل يكون موجبا لانثلام في متعلق الأمر أو في الأمر نفسه بواسطة ذلك المقدار من عدم القدرة ، أو أنه لا يؤثر على الأمر بالطبيعة أصلا ولا يوجب اعتبار عدم تلك القدرة في ناحية الأمر ولا في ناحية المأمور [ به ](٢) ، وهذا لا دخل له بكون المانع من الأمر بغير المقدور هو قبح تكليف العاجز أو الداعوية ، إذ بناء على مسلك المحقق المذكور لا يكون في البين عجز ولا عدم قدرة بالنسبة إلى متعلق الأمر ، فلاحظ.
وهذا يؤيد ما شرحناه من أن مراد المحقق قدسسره هو بقاء كل من الأمرين بحاله ، وفورية الفوري وإن كانت شرعية وهي قاضية بتأخير الموسع لكن ذلك لا بنحو الاشتراط والتقييد في متعلقه ، بل بنحو التصرف في امتثاله ، مع اعتراف لسان الفورية للفوري بأن ما يؤتى به من الموسع في زمان الفوري مصداق للامتثال ، فهي من هذه الجهة أشبه شيء بالحكومة العقلية بالتأخير بل هي هي بعينها ، لأن فورية هذا شرعا لا تقتضي النهي
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ٢ : ٢٢ ـ ٢٣ وقد تقدّم نقل كلام المحقّق الثاني قدسسره في الحاشية السابقة ، صفحة : ١٣٦ وما بعدها.
(٢) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه للمناسبة ].