الأمر أو قلنا بعدم الاحتياج ، وعدم فساد العبادة بناء على عدم الاقتضاء سواء قلنا بالاحتياج أو قلنا بعدمه ، أما على الثاني فواضح ، وأما على الأوّل أعني الاحتياج فلما افيد من أن الانطباق قهري والامتثال وجداني.
ولكن شيخنا قدسسره في تقريب ما أفاده المحقق الثاني جعل النظر إلى خصوص ما لو قلنا بالاحتياج ، وسكت عن ترتب الثمرة بنظر المحقق الثاني فيما لو قلنا بعدم الاحتياج ، فلاحظ وتدبر. بل صرح فيما يأتي في توضيح إيراده على المحقق بأنه : إذا بنينا على كفاية الملاك في الصحة فلا بدّ من الالتزام بصحة الفرد المزاحم حتى بناء على كونه منهيا عنه أيضا لما ستعرف في بحث النهي عن العبادة إن شاء الله تعالى من أن النهي المانع من التقرب بالعبادة إنما هو النهي النفسي لا الغيري ، إلخ (١).
وينبغي أن يعلم أن تكليف غير القادر تارة نقول إنه من التكليف بالممتنع فيكون من الظلم ، وأخرى نقول إنه من التكليف الممتنع ، لأن الغرض من التكليف إحداث الداعي ، والداعي لا يعقل حدوثه في حق غير القادر ، فيكون تكليفه حينئذ لغوا ممتنعا من العاقل. والأوّل راجع إلى مسألة العدل وربما لم يمنعه الأشاعرة ، بخلاف الثاني فانه يكون التكليف لغوا لا يصدر من سائر العقلاء ولا يلتزم به أحد حتى الأشاعرة. ومقتضى الأوّل تقييد المأمور به بالمقدور ، ومقتضى الثاني تقييد التكليف بالقدرة ، ولكن لا يترتب أثر من هذه الجهة ، لما حقق في محله (٢) من أن القيود غير الاختيارية وإن كانت راجعة إلى المادة إلاّ أنها بالأخرة يكون الطلب مقيدا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) راجع أجود التقريرات ١ : ١٩٦ ، وحاشية المصنف قدسسره في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٩ وما بعدها.