ولا دخل له بأثر المقتضي الآخر ، ولكن الاشكال إنما جاء من اجتماعهما ، ومع تنافر أثرهما لا يمكن اجتماعهما إلاّ بنحو يكون أحدهما غالبا على الآخر ، وهذه جهة اخرى تصحح اجتماعهما ، إلاّ أن ذلك يخرج الأثرين عن التمانع ويوجب كون التمانع واقعا في المقتضيين ، بمعنى أن المانع هو غلبة المقتضي الغالب وذلك يوجب كون المانع هو وجود المقتضي الغالب. وإن شئت فلاحظ الأمر بالازالة والأمر بالصلاة ، فان كلا منهما وإن كان لا يقتضي إلاّ متعلق نفسه لكن لا يمكن اجتماع الأمرين ، فلاحظ وتدبر.
وعلى كل حال أن الأولى في الجواب هو إخراج باب متعلقات التكاليف عن حيّز هذه القواعد ، فانها أفعال اختيارية وينحصر المقتضي فيها بارادة المكلف ، ولا مانع ولا ممنوع في ذلك فتأمل. وأما غير الأفعال الاختيارية من الموانع والممنوعات التكوينية فيجاب عن مانعية أحد الضدين فيها لوجود الآخر بالاستحالة من ناحية كون المانع سابقا في الرتبة على الممنوع ، فيؤدي ذلك إلى تقدم كل منهما رتبة على نفسه. فراجع ما حررناه مفصلا في تحريراتنا (١).
ويمكن أن يقال : إن هذه الدعاوي لعله لا أساس لها ، حتى دعوى كون العلة مؤلفة من المقتضي والشرط وعدم المانع حتى في التكوينيات إذ لا مؤثر في الكون إلاّ إرادته تعالى ، وليس هناك مانعية ولا ممنوعية. ولو سلّمنا أنه تعالى أودع في الموجودات قوى بها يكون بعضها مؤثرا في بعض ، كان لنا أن نقول : وحينئذ تقع المسألة في حيّز تزاحم العلل وتقدم ما هو الأقوى ، حتى في مثل النار واحتراق الحطب ، فكما أن النار علة
__________________
(١) صفحة : ٣٢١ [ منه قدسسره ] ويقصد به تحريراته المخطوطة.