وحقّ عنده أمر به ، فأعلم ببناء ربّضه (١) تحت المقام ثمّ حوّله ، فهو في مكانه هذا إلى اليوم. (٢)
[٢ / ٣٢٨٥] وأخرج الأزرقي من طريق سفيان بن عيينة عن حبيب بن الأشرس قال : كان سيل أمّ نهشل قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكّة ، فاحتمل المقام من مكانه فلم يدر أين موضعه؟ فلمّا قدم عمر بن الخطّاب سأل من يعلم موضعه؟ فقال عبد المطّلب بن أبي وداعة : أنا يا أمير المؤمنين قد كنت قدّرته وذرّعته بمقاط وتخوّفت عليه هذا ، من الحجر إليه ، ومن الركن إليه ، ومن وجه الكعبة. فقال : ائت به. فجاء به فوضعه في موضعه هذا وعمل عمر الردم عند ذلك. قال سفيان : فذلك الذي حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه ، أنّ المقام كان عند سقع البيت (٣) ، فأمّا موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن ، وأمّا ما يقول الناس : إنّه كان هنالك موضعه ، فلا. (٤)
[٢ / ٣٢٨٦] وأخرج الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال : موضع المقام هذا هو الذي به اليوم ، هو موضعه في الجاهليّة ، وفي عهد النبي ، وأبي بكر وعمر ، إلّا أنّ السيل ذهب به في خلافة عمر ، فجعل في وجه الكعبة حتّى قدم عمر فردّه بمحضر الناس. (٥)
[٢ / ٣٢٨٧] وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال : كنّا جلوسا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحجر ، إذ قلص الظلّ وقامت المجالس ، إذ نحن ببريق أيم طلع من هذا الباب ـ يعني من باب بني شيبة ، والأيم الحيّة الذكر ـ فاشرأبّت له أعين الناس ، فطاف بالبيت سبعا وصلّى ركعتين وراء المقام؟! فقمنا إليه فقلنا : أيّها المعتمر قد قضى الله نسكك ؛ وإنّ بأرضنا عبيدا وسفهاء وإنّما نخشى عليك منهم ، فكوّم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها فسما بالسماء حتّى ما نراه!! (٦) قلت : يا لها من غريبة؟! وأغرب منها التالية :
[٢ / ٣٢٨٨] وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال : كانت امرأة من الجنّ في الجاهلية تسكن ذا طوى ، وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره ، فكانت تحبّه حبّا شديدا ، وكان شريفا في قومه فتزوّج وأتى زوجته ، فلمّا كان يوم سابعه قال لأمّه : يا أمّاه إنّي أحبّ أن أطوف بالكعبة سبعا نهارا! قالت له
__________________
(١) ربّضه أي أحكمه.
(٢) الدرّ ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ؛ كنز العمّال ١٤ : ١١٧ ـ ١١٨ / ٣٨١٠٤.
(٣) سقع البيت : ناحيته. أي إلى جنب البيت ملصقا به.
(٤) الدرّ ١ : ٢٩٣ ؛ كنز العمّال ١٤ : ١١٧ / ٣٨١٠٣.
(٥) الدرّ ١ : ٢٩٣ ؛ كنز العمّال ١٤ : ١١٨ / ٣٨١٠٥.
(٦) الدرّ ١ : ٢٩٤.