أهلها؟ قال : الّذين قصّ الله في كتابه وذكرهم ، فقال : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) قال : هم أولو العقول.
وقال عليّ بن الحسين عليهالسلام : مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ، وآداب العلماء زيادة في العقل ، وطاعة ولاة العدل تمام العزّ ، واستثمار المال تمام المروّة ، وإرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة ، وكفّ الأذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا.
يا هشام إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعه ، ولا يعد ما لا يقدر عليه ، ولا يرجو ما يعنّف برجائه ، ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه».
[٢ / ٤٣١١] وعن سهل بن زياد رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «العقل غطاء ستير ، والفضل جمال ظاهر ، فاستر خلل خلقك بفضلك وقاتل هواك بعقلك ، تسلم لك المودّة ، وتظهر لك المحبّة».
[٢ / ٤٣١٢] وعن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا ، قال سماعة : فقلت : جعلت فداك لا نعرف إلّا ما عرّفتنا ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق العقل وهو أوّل خلق من الروحانيّين (١) عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر ؛ ثمّ قال له : أقبل فأقبل ؛ فقال الله تبارك وتعالى : خلقتك خلقا عظيما وكرّمتك على جميع خلقي ، قال : ثمّ خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيّا فقال له : أدبر فأدبر ؛ ثمّ قال له : أقبل فلم يقبل. فقال له : استكبرت فلعنه ، ثمّ جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلمّا رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه ، أضمر له العداوة فقال الجهل : يا ربّ هذا خلق مثلي خلقته وكرّمته وقوّيته وأنا ضدّه ولا قوّة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال : نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال : قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان ممّا أعطى العقل من الخمسة والسبعين ، والجند (٢) : ىالخير وهو وزير العقل وجعل ضدّه الشرّ وهو وزير الجهل ؛ والايمان وضدّه الكفر ؛ والتصديق وضدّه الجحود ؛ والرجاء وضدّه القنوط ؛ والعدل وضدّه الجور ؛ والرضا وضدّه السخط ؛ والشكر وضدّه الكفران ؛ والطمع وضدّه اليأس ؛ والتوكّل وضدّه الحرص ؛ والرأفة وضدّها القسوة ؛ والرحمة
__________________
(١) يطلق الروحاني على الأجسام اللطيفة وعلى الجواهر المجرّدة إن قيل بها.
(٢) المذكور هنا ثمانية وسبعون جندا ولكن قد تكرّر ذكر بعض الجنود.