تستحسنها الأمم فترغب في الإسلام.
[٢ / ٣٥٦٣] وهذا هو معنى قول الصادق عليهالسلام : «كونوا دعاة الناس بأعمالكم ، ولا تكونوا دعاة بألسنتكم» (١). أي سيروا في الحياة وفي التعامل مع الآخرين سيرة يرتضيها العقل ويستطيبها أرباب العقول الناضجة ، وبذلك تصبح الأمّة بكلّيّتها أئمّة : قدوة وأسوة للعالمين.
أمّا أنّ آحاد الأمّة ، كلّ على انفراده يقوم بتوجيه المجتمع العامّ ومن دون مكاتفة الآخرين ولا معاضدة العلماء النابهين. فهذا غير صحيح ولا هو ناجح في نهاية المطاف!
إذ القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، على مستوى عامّ شامل ، إنّما هي وظيفة النخبة الأمناء والثلّة النبهاء ، ممّن عرفوا المعروف على حقيقته وحسب ملابسات تستدعيها ظروف راهنة. فيقوموا بدعم أسسه وأركانه ، والأمر به ونشره وتبليغه.
وهكذا المنكر عرفوه على نكارته فقاموا بردعه والزجر عنه. الأمر الّذي يتعيّن له النخب من الأمّة وهم الأئمّة الصالحون ..
فما ورد من تفسير الأمّة ـ هنا وفي نظائرها من آيات ـ بالأئمّة إنّما هو تبيين لواقع المراد ، وإن كان الخطاب في ظاهره عامّا. نظير قوله تعالى في آية السرقة : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) أو في آية الفحشاء : (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(٣) دستور إلى القضاة وولاة الأمر وليس العموم مكلّفين بهذا الإجراء.
إذ معرفة شرائط الموضوع كملا ، ضرورة لجواز إجراء الحدود وغيرها من أحكام مترتّبة ، الأمر الّذي لا يعرفه إلّا العالمون.
[٢ / ٣٥٦٤] سئل الإمام أبو عبد الله الصادق عليهالسلام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب هو على الأمّة جميعا؟ فقال : لا. فقيل له : ولم؟ قال : «إنّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الّذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ ، يقول من الحقّ إلى الباطل!
قال : والدليل على ذلك كتاب الله ـ عزوجل ـ قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
__________________
(١) البحار ٥ : ١٩٨ / ١٩ ، عن كتاب قرب الإسناد : ٣٧ ـ ٣٨.
(٢) المائدة ٥ : ٣٨.
(٣) النور ٢٤ : ٢.