فيقول : نعم ، قد بلّغت الرسل ، فتدعى الرسل. فيقال لهم : هل بلّغكم جبريل عهدي؟ فيقولون : نعم. فيخلّى عن جبريل ، ثمّ يقال للرسل : هل بلّغتم عهدي؟ فيقولون : نعم ، بلّغناه الأمم. فتدعى الأمم ، فيقال لهم : هل بلّغتكم الرسل عهدي؟ فمنهم المكذّب ومنهم المصدّق. فتقول الرسل : إنّ لنا عليهم شهداء. فيقول : من؟ فيقولون : أمّة محمّد. فتدعى أمّة محمّد فيقال لهم : أتشهدون أنّ الرسل قد بلّغت الأمم؟ فيقولون : نعم. فتقول الأمم : يا ربّنا كيف يشهد علينا من لم يدركنا؟ فيقول الله : كيف تشهدون عليهم ولم تدركوهم؟ فيقولون : يا ربّنا أرسلت إلينا رسولا ، وأنزلت علينا كتابا ، وقصصت علينا فيه أن قد بلّغوا ، فنشهد بما عهدت إلينا. فيقول الربّ : صدقوا ، فذلك قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) والوسط العدل (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(١).
[٢ / ٣٥٣٨] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية عن أبيّ بن كعب في الآية قال : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) يوم القيامة ، كانوا شهداء على قوم نوح ، وعلى قوم هود ، وعلى قوم صالح ، وعلى قوم شعيب ، وغيرهم أنّ رسلهم بلّغتهم وأنّهم كذّبوا رسلهم ، قال أبو العالية : وهي في قراءة أبيّ : «لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة» (٢).
[٢ / ٣٥٣٩] وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم : أنّ قوم نوح يقولون يوم القيامة : لم يبلّغنا نوح! فيدعى نوح عليهالسلام فيسأل : هل بلّغتهم؟ فيقول : نعم ، فيقال : من شهودك؟ فيقول : أحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمّته. فتدعون فتسألون ، فتقولون : نعم قد بلّغهم. فتقول قوم نوح : كيف تشهدون علينا ولم تدركونا؟ قالوا : قد جاء نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبرنا أنّه قد بلّغكم ، وأنزل عليه أنّه قد بلّغكم ، فصدّقناه. قال : فيصدّق نوح عليهالسلام ويكذّبونهم. قال : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(٣).
[٢ / ٣٥٤٠] وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي وابن ماجة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يجيء النبيّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبيّ ومعه الرجلان وأكثر من ذلك ، فيدعى قومه فيقال لهم : هل بلّغكم هذا؟ فيقولون : لا. فيقال له : هل بلّغت قومك؟ فيقول : نعم. فيقال له : من يشهد لك؟ فيقول : محمّد وأمّته. فيدعى محمّد وأمّته. فيقال لهم : هل بلّغ
__________________
(١) الدرّ ١ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ؛ الزهد لابن مبارك ١ : ٥٥٧ / ١٥٩٨ ؛ الطبري ٢ : ١٥ / ١٨١٢.
(٢) الدرّ ١ : ٣٥٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٥٠ / ١٣٣٩.
(٣) الطبري ٢ : ١٥ / ١٨١٠ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٩٥ / ١٣٨.