نعم ، لو أبدلنا الترك بالنقيض وقلنا إن وجود الصلاة هو نقيض عدمها وإذا تعلق النهي بهذا النقيض الذي هو عدم الصلاة كان مفاده هو طلب نقيض ذلك العدم ، فيكون المطلوب بالنهي هو نقيض العدم الذي هو نقيض وجود الصلاة ، فيكون المطلوب به هو نقيض نقيض الصلاة ، ومن الواضح أن نقيض نقيض الصلاة هو نفس الصلاة ، فيكون هذا النهي عين ذلك الأمر لا أنه حكم آخر ، فلاحظ وتدبر. هذا كله في الوجوب المتعلق بالفعل.
أما لو كان الوجوب متعلقا بالترك كما لو قال يجب ترك الغيبة مثلا بناء على أن الوجوب هو عبارة عن طلب متعلقه ، سواء كان المتعلق هو الفعل كما في وجوب الصلاة أو كان هو الترك كما في وجوب ترك الغيبة فهذا الوجوب المتعلق بترك الغيبة هو عين النهي المتعلق بالغيبة بناء على أن مفاد النهي هو طلب ترك المتعلق ، فيكون مفاد النهي عن الغيبة هو طلب ترك الغيبة ، وهو عين مفاد وجوب ترك الغيبة الذي هو عبارة عن طلب ترك الغيبة ، فكان أحدهما عين الآخر ، فلا يكون في البين إلاّ حكم واحد وهو طلب ترك الغيبة ، يعبّر عنه تارة بوجوب ترك الغيبة واخرى بحرمة الغيبة والنهي عنها.
قوله : بداهة أن الآمر بالشيء ربما يغفل عن ترك تركه فضلا عن أن يأمر به ... إلخ (١).
لا يخفى أنا إذا جوّزنا غفلة الآمر عن ترك الترك كان لازم ذلك هو القول بأن الأمر بالشيء لا يلزمه طلب ترك تركه ، وحينئذ فكيف يصح لنا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٦.