القراءة اقتضاء لأزيد من وجوب القراءة ، بأن يكون مقتضيا لطلب ترك ترك القراءة ، سواء كان ذلك الاقتضاء المدعى من قبيل الاتحاد والعينية أو كان من قبيل التلازم والاثنينية ، بل ينبغي الجزم بعدم ذلك.
أما الاتحاد فلأن محصّله هو كون الثاني مؤكدا للأوّل كما عرفت ، وهذا أعني التأكيد إنما يكون فيما لو افيد بجملة اخرى بعد الجملة الاولى ، ولا يعقل تحقق هذا التأكيد للجملة الاولى بنفس الجملة الاولى.
وأما دعوى الاثنينية والتلازم فقد التزم بها شيخنا قدسسره (١) ، لكن لا يبعد المنع عنها لعدم الملازمة بين الحكمين. مضافا إلى أن هذا الملازم الثاني لا فائدة فيه ، لما عرفت من كون نتيجته اجتماع الوجوبين على نفس القراءة وليس ذلك من قبيل وجوب المقدمة اللازم لوجوب ذيها ، فان ذلك وإن لم يكن يستتبع عقابا ولا ثوابا إلاّ أنه وجوب آخر متعلق بعمل آخر ، فلا بأس بالقول بكونه لازما للأول الذي هو وجوب ذي المقدمة ، وهذا بخلاف الوجوب الثاني الوارد على القراءة بواسطة النهي عن تركها فانه لا يكون إلاّ لغوا صرفا.
والخلاصة : هي أن الحكمين بعد فرض كونهما حكمين لا يعقل اتحادهما ، وأقصى ما في البين هو اجتماعهما ، ولو كانا مثلين كان أحدهما مؤكدا للآخر لاندكاك أحدهما بالآخر. نعم يمكن إبراز الحكم الواحد بعبارتين ، ولكن ذلك كله إنما يتأتى فيما لو صدر كلتا العبارتين ، أما لو لم يكن في البين إلاّ العبارة الاولى فهي خارجة عن ذلك ، إذ ليس في البين حكمان ولا عبارتان.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٧.