ما لم يتوصل به إلى الانقاذ باقيا على حرمته ، فكيف يمكننا القول بوجوبه وأنه ليس بحرام. ومن ذلك يتضح لك ما في الحاشية (١) فلاحظ.
والخلاصة : هي أن التزاحم الواقع بين وجوب الانقاذ وحرمة السلوك إن كان بين نفس التكليفين كان تقديم الأول على الثاني موجبا لسقوطه بتاتا ، فلا يكون السلوك محرّما حتى إذا لم يتعقبه الانقاذ ، سواء قلنا بوجوب المقدمة أو لم نقل ، غايته أنه يمكن الخطاب الترتبي بأن يقال إن لم تنقذ فلا تسلك ، فتكون الحرمة معلّقة على عدم الانقاذ ، ولا أثر في ذلك للقول بوجوب المقدمة وعدمه.
وكذلك الحال إن قلنا إن التزاحم إنما هو بين الاطلاقين ، وقدّمنا إطلاق الأول على اطلاق الثاني ، فان مقتضاه تقيد حرمة السلوك بعدم توقف الانقاذ عليه ، فيكون جوازه منحصرا بما لو توقف الانقاذ عليه ، من دون فرق في ذلك أيضا بين القول بوجوب المقدمة وعدمه.
وهكذا الحال لو قلنا إن المزاحم لوجوب الانقاذ ليس هو حرمة مطلق السلوك ، بل المزاحم له هو حرمة السلوك الانقاذي ، فانه يكون موجبا لسقوط حرمة السلوك الانقاذي مع بقاء السلوك لغيره على حرمته ، ومع فرض سقوط حرمة السلوك الانقاذي لا أثر للقول بوجوب ذلك السلوك وعدمه ، إذ لو قلنا بوجوبه لا يكون وجوبه مزاحما لحرمته ، إذ المفروض عدم حرمة السلوك الانقاذي.
ونحن وإن قلنا بوجوب المقدمة مطلقا ، موصلة كانت أو غير موصلة ، قصد بها التوصل أو لم يقصد ، فان ذلك أعني وجوب المقدمة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٣١٢.