الكفاية المشتمل على قوله : وأيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم اريد الحج وأريد المسير الذي يتوصل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصل به إليه ... إلخ (١) ، ولم يذكر في هذا المقام تصريح المولى بالمنع عما لا يتوصل بها من المقدمات.
نعم في المقام الآخر وهو ما تعرض له قبل البحث عن مقدمة الواجب من تقسيم الوجوب إلى المطلق والمشروط والمنجّز والمعلّق ، فإنه قال في ذيل ذلك البحث : ثم هل يعتبر في وقوع الواجب الغيري على صفة وجوبه أن يترتب عليه فعل الغير أو الامتثال به وإن لم يقصد به ذلك ، أو يعتبر قصد التوصل إليه أو إلى الامتثال به وإن لم يترتب عليه ، أو يعتبر الأمران ، أو لا يعتبر شيء منهما؟ وجوه ، والتحقيق من هذه الوجوه هو الوجه الأول ـ ثم بعد بيان الوجه في ذلك قال : ـ وتظهر الثمرة فيما لو وجب عليه الدخول في ملك الغير بغير إذنه لانقاذ غريق يتوقف عليه ، فدخله لغير ذلك فبدا له فأنقذه ـ ثم بعد أن أطال الكلام في بيان ذلك قال : ـ فقد اتضح مما قررنا أن الواجب الغيري إذا لم يترتب عليه فعل الغير جاز أن يتصف بغير الوجوب من سائر الأحكام حتى الحرمة لانتفاء الوجوب المضاد لها حينئذ ، واحفظ هذا فإنه ينفعك في بعض المباحث الآتية (٢).
والظاهر أن مراده من المباحث الآتية هو ما تعرض له في التنبيه الأول الذي تقدم نقله ، فيكون ذلك بمنزلة استدلال منه قدسسره على اعتبار الايصال
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٧ ـ ١١٨.
(٢) الفصول الغروية : ٨١.