فالمكلف مع وجود الصارف عن الواجب إذا ترك الواجب وترك مقدمته يكون تاركا لواجب نفسي ولمقدمته الموصلة إليه ، فكيف يصح القول بكون ما يقدم عليه من ترك المقدمة جائزا ، ومجرد مقارنته لوجود الصارف مع حرمته أيضا لا يقضي بجواز الترك الحاصل منه ، وإذا ترك الواجب وأتى بضده فقد ترك نفس الواجب ومقدمته الواجبة التي هي ترك ضده الموصل إليه ، ومن البيّن أن ما أتى به من فعل الضد ترك لترك الضد الموصل إلى الواجب أيضا ، فيلزم أن يكون حراما من تلك الجهة ، وإن لم يكن ترك الضد في المقام موصلا إلى الواجب بسوء اختيار المكلف ، ولا مانع من اجتماع حصول التركين في المقام بفعل الضد كما لا يخفى ، فلا يتم الحكم بصحة ما أتى به من الضد أيضا وسيجيء الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
قوله : وأما ما استدل به على ما ذكره من أن للمولى المنع عن المقدمات غير الموصلة ، وليس له المنع عن مطلق المقدمة أو عن خصوص الموصلة منها ، وذلك آية عدم اتصاف المقدمة من غير قيد الايصال بالوجوب ... إلخ (٢).
لا يخفى أن صاحب الفصول قدسسره قد تعرض لهذه المسألة ، وهي كون المقدمة مقيدة بالايصال في مقامين ، أحدهما في التنبيه الأول من تنبيهات مقدمة الواجب (٣) ، ولم يذكر فيه هذا الاستدلال وإنما ذكر فيه ما نقله عنه في
__________________
(١) هداية المسترشدين ٢ : ١٧٨.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٤٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٣) الفصول الغروية : ٨٦.