نفس تلك الذات التي يتوقف عليها الواجب النفسي ، غاية الأمر إن لحقها الواجب النفسي كانت متصفة بالايصال وإلا فلا ، فيكون اتصافها بالايصال إنما جاء من قبل الاتيان بعدها بذيها الذي هو فعل اختياري للمكلف فعلى تقدير كون المقدمة الواجبة مقيدة بالايصال يكون الاتيان بذيها بعدها واجبا غيريا لها لكونه محققا للقيد المعتبر فيها أعني الايصال ، كما تكون ذات المقدمة واجبة بالوجوب الغيري لما قيّد بالايصال منها ، حيث إن كل واحد من ذات المقيد وقيده يكون مقدمة للمقيد ، وحينئذ يرد عليه مع عدم معقولية كون ذي المقدمة مقدمة للمقدمة أن كل واحد من ذات المقدمة وذات ذيها بعد أن صار مقدمة للمقدمة وكان واجبا غيريا لها إن لم يكن مقيدا بالايصال إليها فهو كرّ على ما فرّ منه ، وإن كان مقيدا بذلك نقلنا الكلام إلى أجزاء ذلك المقيد ، فان وقفت المسألة في سلسلة ذلك على مقدمة هي بنفسها وذاتها واجبة بلا تقييد لها بالايصال انقطع التسلسل ولكنه كرّ على ما فرّ منه ، وإلاّ ذهب التسلسل إلى ما لا نهاية له وهو واضح البطلان ، انتهى.
قلت : يمكن الجواب عن ذلك أوّلا : بأن هذا التسلسل ليس من التسلسل المصطلح الذي هو واضح الفساد ، أعني عدم التناهي في سلسلة العلل ، بل إنّما هو من مجرّد عدم التناهي في العناوين مع فرض تحققها بوجود واحد ، وهذا مما لم يقم البرهان على محاليته ، فانه أسهل مما التزموا به من تركب الجسم الطبيعي من أجزاء غير متناهية بناء على كون كل جزء منها قابلا للقسمة ، ومحالية تركبه من أجزاء لا تتجزأ كما حقق في محله (١) من استحالة الجزء الذي لا يتجزأ ، فتأمل.
__________________
(١) كشف المراد : ١٤٣ وما بعدها.