هذا الشق الثاني هو الذي بنى عليه شيخنا قدسسره (١) وذلك بابقاء الأمر الغيري المتعلق بالمقدمة على حاله غير مشروط بنفسه ولا بمتعلقه بشيء مما يرجع إلى الإيصال ، وبذلك تسقط الحرمة على وتيرة ذلك الوجوب الغيري ، لكن لو عصى المكلّف ولم يأت بالواجب النفسي الذي هو ذو المقدمة تتوجه إليه حرمة المقدمة. وقد عرفت أنّه لا مانع من اجتماع الحكمين المذكورين في هذه المقدمة ، لكون الأول منهما هادما لموضوع الثاني.
أمّا الشق الأوّل فهو أجنبي عما يريده شيخنا قدسسره ، فانّ ما أفاده شيخنا قدسسره من كون الحرمة للمقدمة مقيدة بعصيان الأمر بذي المقدمة لا يلزمه القول بأنّ الوجوب الغيري للمقدمة يكون مشروطا ومقيدا بالإيصال وصريح كلامه يأبى ذلك ، فانّه قدسسره (٢) يصرح بأن الوجوب الغيري الطارئ على المقدمة كالوجوب النفسي الطارئ على ذيها غير قابل للتقييد بوجود ذي المقدمة ، وحينئذ فلا يكون ما وجّهه المحشي على هذا الشق الأول واردا على مسلك شيخنا قدسسره ، بل هو وارد على ذلك المسلك الذي يقول إنّ الوجوب الغيري يكون مشروطا بالإيصال.
لكن المحشي في بحث المقدمة الموصلة وجّه عين هذا الإشكال على الترتب الذي يفيده شيخنا قدسسره في هذه المسألة ، أعني المقدمة المحرمة المنحصرة ، وحاصل ذلك الإشكال هو لزوم تحصيل الحاصل وجواز ترك الواجب النفسي من غير عذر ، فراجع حاشية ص ٢٣٦ (٣).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١١٠ ـ ١١١.
(٢) صرّح بذلك في موارد منها ما في هذا المقام ، فراجع أجود التقريرات ٢ : ١٠٨.
(٣) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) ٣٤٣ ـ ٣٤٤.