ولا يخفى أنّ الخلاف بينهما في ذلك غير مربوط بالقدرة الشرعية بل إنّه في المسألة الاولى ناشئ عن الخلاف في مفاد أدلّة العسر والحرج وهل تدل على مجرد الترخيص امتنانا أو أنّها تدل على نفي التشريع فيبطل الوضوء حينئذ؟ والثاني هو مختار شيخنا قدسسره.
وأمّا الخلاف في المسألة الثانية فهو أيضا غير ناشئ عن القدرة الشرعية ، بل هو ناشئ عن أنّ جواز صرف الماء على ذلك الحيوان هل يوجب التخيير بين الطهارتين ، أو أنّه لا يوجب إلاّ جواز صرف الماء على ذلك الحيوان ، وبعد صرفه عليه يكون تكليفه التيمم ، فإذا كان المكلف لم يقدم بعد على صرفه فلا ينبغي الحكم بجواز تيممه مع فرض وجود الماء عنده وعدم لزوم صرفه على الحيوان ، فيدخل حينئذ في عنوان واجد الماء وهو لا يشرع فيه التيمم. وهذا هو مختار شيخنا قدسسره ، فلأجل ذلك علّق عليه الحاشية المذكورة. ويمكن القول بأنّه إذا جاز صرف الماء للحيوان فقد [ جاز ](١) ترك الوضوء والالتجاء إلى التيمم من دون توقف على الصرف الفعلي ، مضافا إلى أنّ الدّال عليه إنّما هو الموثق القائل « ويستبقي الماء » (٢) وهو صريح في أنّه يجوز له الابتداء بالتيمم.
وقد صرّح في كتاب الحج في مسألة فيما لو حج مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرم : لم يجزه عن حجة الإسلام ، لا لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ـ إلى قوله : ـ بل لأنّ الأمر مشروط بعدم المانع ووجوب ذلك الواجب مانع ... الخ (٣) ، فراجعه وراجع ما نقلناه عن العروة
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٣٨٨ / أبواب التيمم ب ٢٥ ح ٣.
(٣) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٤ : ٤٢٧ ـ ٤٢٩ ( مع اختلاف يسير ).