للمقدمة وإنما هو الانوجاب قهرا على الآمر ، وهذا الانوجاب مما لا نتعقله.
لكن شيخنا قدسسره أصلحه بأن الملازمة بين الايجابين لا بين الوجوبين ، وذلك قوله : فيدفعه أن المدعى هو تعلق الارادة بها قهرا عند إرادة ذي المقدمة ، فلا يتمكن المريد لذي المقدمة من عدم إرادتها ليتوقف تحققها على فائدة وغاية (١).
لكن هذا المقدار من الملازمة قابل للانكار ، إذ لازمه أن يكون إيجاب المقدمة قهريا على الآمر غير اختياري له. ولا يخفى ما فيه سيما بالنسبة إلى الشارع المقدس ، ولعله أردأ من ظاهر الكفاية من الالتزام بانوجاب المقدمة عند إيجاب ذيها ، فلاحظ وتأمل.
وأقصى ما يمكن القول به هو حكم العقل على الآمر الذي أوجب ذا المقدمة أن يوجب المقدمة ، لأن عدم إيجابها منه مع إيجابه لذيها كالتناقض أو كالتهافت ، فلا يكون حال الملازمة بين إيجاب ذي المقدمة وإيجاب المقدمة إلاّ كالملازمة بين حكم العقل بحسن الشيء وبين إيجاب الشارع بمعنى أنه يلزم على الشارع الحكيم أن يوجب ما حكم العقل بحسنه فكذلك نقول في هذا المقام إنه يجب على العاقل الذي صدر منه إيجاب ذي المقدمة أن يصدر منه إيجاب المقدمة محافظة على ذي المقدمة وبذلك يخرج إيجاب المقدمة عن اللغوية ، فان تم هذا فهو وإلاّ كان القول بوجوب المقدمة شرعا باطلا من أصله.
ثم إنه لو تم ذلك نقول : إن هذا المقدار كاف في الحكم بالملازمة بين الإيجابين بل بين الوجوبين أيضا ، فيقع الكلام حينئذ في ان هذا التلازم هل هو محقق في جميع مراتب وجوب ذي المقدمة ، كي يكون موجبا لعدم
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٣٦ [ المنقول هنا مخالف للنسخة القديمة غير المحشاة ].