نعم إنّ في المقام شيئا ، وهو أنّ عمدة الإشكال إنّما هو الفرق بين قولنا : أزل النجاسة وإن لم تزل النجاسة فصلّ ، وبين كل واحدة من هذه الجمل الثلاث ، أعني قولنا : إن أمرتك بالإزالة فصلّ ، وقولنا : إن علمت بالأمر بالإزالة فصلّ ، وقولنا : إن امتثلت الأمر بالإزالة فصلّ ، فإنّ الأمر بالصلاة في هذه الجمل الثلاث يكون متأخرا في الرتبة عن الأمر بالإزالة ، كما هو كذلك في الجملة الاولى أعني قولنا : أزل النجاسة وإن لم تفعل فصلّ.
وهذه المقدمة الرابعة مسوقة لبيان أنّه لا عبرة بالتأخر الرتبي ، بل العبرة إنّما هي يكون امتثال الأمر الأوّل هادما لموضوع الأمر الثاني ، وهذا مختصّ بالجملة الاولى دون الجمل الثلاث الأخر ، بل قد عرفت فيما تقدم (١) وسيأتي إن شاء الله تعالى (٢) أنّ الجملة الاولى التي [ هي ](٣) محل الكلام خالية من التأخر الرتبي ، وإلاّ كان كل منهما متقدما رتبة على الآخر فيما لو كان كل منهما مقيدا بعدم الآخر.
فالعمدة هو تحقيق الهادمية ، والمقدمة الخامسة مسوقة لذلك. أمّا ما اشتملت عليه الخامسة من كون الشرط لأحد الخطابين تارة يكون غير داخل تحت القدرة والرفع الشرعي ، واخرى يكون داخلا في ذلك ، لكن التكليف الآخر لا يكون متعرضا له برفع ولا بوضع ، وثالثة يكون التكليف الآخر متعرضا له بالرفع أو الدفع ، فهو وإن كان في الجملة صحيحا ، إلاّ أنّ إدخال كون أحدهما أو كل منهما مقيدا بعدم الآخر في القسم الأوّل وفي القسم
__________________
(١) لاحظ ما تقدم في صفحة : ٣٦١ ـ ٣٦٢.
(٢) لاحظ ما سيأتي في صفحة : ٣٨٨ ـ ٣٩٠.
(٣) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].