أنّ المقدمة المذكورة واجبة ، لا أنّا ننفي الشرطية المذكورة بالإطلاق المذكور بعد فرض الفراغ عن كونها واجبة ، كي يتوجه عليه حينئذ ما ذكر من دعوى عدم معقولية الإطلاق بالنسبة إلى المقدمة الواجبة.
لا يقال : بناء على ذلك لا يكون الإطلاق كاشفا عن وجوب المقدمة ، بل تكون المقدمة المذكورة غير داخلة تحت الطلب ، سواء كان الطلب مقيدا بها أو كان مطلقا من جهتها. أمّا الأوّل فواضح ، لما ذكرنا من أنّ قيد الطلب لا يدخل تحته. وأمّا الثاني فلما ذكرتم من استحالة ما يكون الطلب مطلقا بالقياس إليه أن يكون داخلا تحت الطلب ، فأيّ فائدة في التمسك بالإطلاق المذكور؟
لأنّا نقول : إنّا لم نجعل الإطلاق دليلا على وجوب المقدمة ابتداء ، بل جعلنا الإطلاق دليلا على أنّها لم تكن شرطا في التكليف ، وبعد إثبات أنّها ليست شرطا نبقى نحن ومقدمة وجودية غير مأخوذة شرطا في التكليف بذيها ، فنحكم بأنّها واجبة بوجوب ذيها ، إذ لا مانع منه إلاّ كونها شرطا في التكليف ، وقد نفيناه بالاطلاق ، وبعد ثبوت وجوبها يحكم العقل باستحالة إطلاق الوجوب بالقياس إليها ، فتأمل فانّ لازم ذلك أن يكون الإطلاق ممّا يلزم من وجوده عدمه.
والجواب الحاسم لأصل هذا التوهم هو أن يقال : إنّه قد مرّ (١) في مبحث المقدمة الموصلة وسيأتي (٢) في بعض مباحث الترتب أنّ وجوب
__________________
(١ و ٢) [ الظاهر أنه قدسسره يشير بذلك إلى ما ذكره المحقق النائيني قدسسره تفسيرا لكلام المحقق صاحب الحاشية قدسسره. وقد تقدم ذلك في أجود التقريرات ١ : ٣٤٩ ، ويأتي في أجود التقريرات ٢ : ١٠٧ ـ ١٠٨ ].