أنّها لو كانت شرطا في التكليف لاستحال كون ذلك التكليف مقتضيا لوجوبها ، ولازم ذلك أنّ التكليف لو كان مطلقا بالقياس إليها بحيث إنّه كان ثابتا على كل من تقديري وجودها وعدمها ، لكان اقتضاء ذلك التكليف لإيجادها محالا ، فلا بدّ من القول بأنّها بعد فرض كونها واجبة بالوجوب الغيري الذي اقتضاه الوجوب النفسي المتعلق بذيها ، لا يمكن أن يكون ذلك الوجوب الوارد عليها مقيدا بوجودها ، أو مطلقا من ناحية وجودها وهو واضح. فهي من هذه الجهة نظير الإطاعة والعصيان في استحالة تقييد الطلب أو إطلاقه من ناحيتهما ، لكونهما بالنسبة إلى ذلك التكليف من قبيل المعلول بالنسبة إلى علّته ، فيستحيل وقوعهما منه منزلة العلة.
قوله : الثالث : أن يكون الخطاب بنفسه مقتضيا لوضع هذا التقدير أو لرفعه ، فيكون محفوظا في الصورتين لا محالة .. الخ (١).
المراد من المحفوظية في هذا القسم كما مرّ وسيأتي (٢) هي نحو محفوظية العلّة مع وجود معلولها ، بمعنى أنّ ذلك التكليف يكون ثابتا ومتحققا في صقعه مع فرض وجود ما تعلق به وعدمه ، لا أنّه موجود في مرتبة وجود متعلقه وعدمه ، لما عرفت وسيأتي من الفرق بين المحفوظيتين. ففي القسم الأوّل والثاني تكون من قبيل محفوظية المعلول الذي هو نفس التكليف مع التقدير المشروط به ، أو المطلق بالقياس إليه الذي هو بمنزلة علة ذلك التكليف ، وفي القسم الثالث تكون محفوظية التكليف بالقياس إلى وجود متعلقه وعدمه من قبيل محفوظية العلة مع وجود معلولها وعدمه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٦٧.
(٢) في الحاشية السابقة واللاحقة.