لعام واحد مرتين تكون من التدافع الاتفاقي.
والحاصل : أن كلا منهما لا يمكن المكلف الجمع بينهما بعد النظر إلى الدليل المذكور ، لكن عدم إمكان الجمع يكون في الاولى دائميا فتدخل في التعارض ، وفي الثانية يكون اتفاقيا فتدخل في التزاحم ، وليس شيء من البابين من باب العموم من وجه ، أما الظهر والجمعة فواضح ، بل هما من باب الفعلين اللذين لا يقدر المكلف على الجمع بينهما بعد ثبوت الاجماع المذكور. وأما مسألة الزكاة فأيضا كذلك ، بمعنى أن هذه الخمس والعشرين وإن دخلت في نصاب الخمس والعشرين ودخلت أيضا في نصاب الست والعشرين ، إلاّ أنها ليست في الثاني من قبيل المصداق بل هي جزء منه ، فلا تدخل في العموم من وجه ، بل تكون من قبيل أن المكلف لا يقدر أن يزكيها باعتبار كونها من الأوّل وباعتبار كونها جزءا من الثاني.
وإن شئت فقل : إن هذه المسألة نظير ما مرّ (١) من مثال العالم والهاشمي بعد قيام الدليل على أنه لا يدفع للشخص الواحد إلاّ مالا واحدا ، فانه حينئذ يكون الدليل القائل ادفع شاة للعالم مزاحما للدليل القائل ادفع دينارا للهاشمي ، لا أنه يكون معارضا له بحيث يكون من قبيل الدوران في خروجه عن أيّ العنوانين ، بل يكون من قبيل الدوران في العمل بأيّ الوجوبين ، فتأمل. وما تقدم من كونه من قبيل التعارض لا وجه له خصوصا فيما لو كان الواجب في أحدهما مباينا لما هو الواجب في الآخر.
__________________
(١) في صفحة : ٢٩٢.