التعارض والتساقط يلزم الاحتياط بدفع كلا الزكاتين ، وهذا الاحتياط لا ينافي الدليل المذكور كما لا ينافيه الاحتياط في الجمع بين الصلاتين.
إلاّ أن يقال : إن العلم الاجمالي لا يوجب الاحتياط في التكاليف المالية كما قيل ، وحينئذ يكون المكلف مخيرا ، لكن يلزمه اختيار الأوّل لتقدمه زمانا. وفيه تأمل ، لأنه بناء على التعارض لا يكون محرزا لكونه مصداقا للأوّل فكيف يرجح بالتقدم الزماني.
والحاصل : أن الترجيح بالتقدم الزماني يكشف عن كونه مصداقا لكل من الحكمين واقعا وأنه لا بدّ من إسقاط أحدهما ، ويتعين الثاني للاسقاط لتأخره زمانا عن الأوّل ، وأن ذلك ليس من وادي الكشف والدلالة والتدافع في مقام الاثبات والحكاية ، بل إن نفس الحكمين لا تدافع بينهما ، وأن الدليل (١) الدال على عدم التزكية مرتين تكون نسبته إلى نفس الحكمين كنسبة اتفاق عدم القدرة على الجمع بين التكليفين.
ومن ذلك يظهر الفرق بين هذه المسألة ومسألة الظهر والجمعة فانه قدسسره جعل مسألة الظهر والجمعة من باب التعارض وجعل هذه المسألة من باب التزاحم ، مع أن الظاهر أنهما من واد واحد ، فراجع ما أفاده قدسسره في أوّل مباحث التعادل ص ٢٦٣ وفي ثانيه (٢) ص ٢٦٤ ، وحاصل الفرق هو ما عرفت من أن مسألة الجمعة والظهر بعد النظر إلى الاجماع على عدم صلاتين في يوم واحد تكون من قبيل التزاحم الدائمي فتدخل في باب التعارض ، ومسألة الزكاة بعد فرض الدليل على أن المال الواحد لا يزكى
__________________
(١) وهو ما تقدم ذكره في صفحة ٢٩٣.
(٢) الأرقام مذكورة حسب الطبعة القديمة وراجع الطبعة الحديثة من فوائد الأصول ٤ : ٧٠٢ ، ٧٠٧ ، وراجع أيضا أجود التقريرات ٤ : ٢٧٤ ، ٢٧٨.