الشأن في كل حكمين اتفق عدم إمكان الجمع بينهما ، وعدم مدخلية القدرة في ملاك كل منهما كما في الاصول في باب الشبهة المحصورة. وقد حققنا في محله إبطال الوجه الثالث فتعين أحد الوجهين الاولين ، ولا سبيل إلى الثاني لكونه موجبا للترجيح بلا مرجح فيتعين الأوّل. وهذا باب واسع جار في كل ما هو من هذا القبيل ، انتهى.
فجعل محط المزاحمة هو الاطلاق ، وبعد أن أبطل تعين أحدهما للسقوط لكونه ترجيحا بلا مرجح وأحال إبطال الثالث إلى محله تعين حينئذ سقوط كل من الاطلاقين ، ولعل المحل المشار إليه هو مبحث العلم الاجمالي وتعارض الاصول في أطرافه.
وكيف كان ، فقد عرفت أنا لو التجأنا إلى تقييد الاطلاق فلنا أن نلتزم بأن الساقط هو إطلاق أحدهما فقط ، إلاّ أنك قد عرفت أن مقتضى تحكيم كل منهما على الآخر في مرحلة الخطاب هو سقوط الخطاب بأحدهما فقط ، فراجع وتأمل ، وانتظر ما حررناه (١) في المقدمة الاولى والثانية من خروج ذلك عن الجمع التبرعي ، هذا.
ولكن لا يخفى أن ما أشار إليه قدسسره بقوله : وقد حققنا في محله إبطال الوجه الثالث ، وقوله قدسسره : وهذا باب واسع جار في كل ما هو من هذا القبيل ، علينا أن نتأمله حق التأمل ، وهو أن ما ذكرناه في تزاحم المشروطين بالقدرة الشرعية ، وفي تزاحم المشروطين بالقدرة العقلية ، وفي تزاحم الاطلاقين ، من أن الباقي هو أحدهما والمرفوع هو أحدهما أيضا ، إن كان
__________________
(١) راجع الصفحة : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.