اللهم إلاّ أن يقال : إنه يشترط في وجوب المنذور أن لا يكون مزاحما لواجب ولو بكونه رافعا لموضوعه ، لكن هذا مدرك آخر يمكن إثباته بما استفيد من مذاق الشارع في النذور والأيمان ولو من مثل قولهم عليهمالسلام : « إذا رأيت خيرا من يمينك فدع » وهو مطلب آخر لا دخل له باعتبار عدم محللية الحرام ، وإلاّ لجرى في الشرط والصلح والاجارة ونحوها.
ثم لا يخفى أنه قدسسره أعرض عما ذكره في السؤال ثانيا من تقدم النذر زمانا ، لأن ذلك مسلّم عنده ، وقد يمنع عن ذلك كما في الحاشية من المقرر (١) نظرا إلى أن وجوب الخروج إلى الحج سابق في الزمان على وجوب الوفاء بالنذر.
ويمكن الجواب عنه أوّلا : بأنّ وجوب الخروج بالنسبة إلى أعمال الحج في أيامه لا يكون إلاّ من قبيل المقدمات المفوّتة ، وحينئذ يكون وجوب البقاء بالنسبة إلى الوفاء بالنذر أيضا كذلك ، لكونه من المقدمات المفوّتة أيضا.
وثانيا : أن يوم عرفة وإن كان متأخرا عن كل من النذر والخروج إلى الحج ، إلاّ أن الوجوب المشروط بذلك الزمان لكل من المنذور والوقوف بعرفة يكون بالنسبة إلى المنذور أسبق منه بالنسبة إلى الوقوف بعرفة ، لأن سببه يكون سابقا على سبب الحج الذي هو الاستطاعة ، فكان وجوب المنذور المشروط بذلك الزمان واردا على ذلك اليوم قبل ورود وجوب الوقوف المشروط بذلك الزمان.
وبالجملة : أن وجوب الزيارة ووجوب الوقوف وإن كانا متحدين زمانا وهو يوم عرفة ، وكان كل من الوجوبين مشروطا بذلك اليوم ، إلاّ أن
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٧.