في تفسيرها بما ذكر هو اعتبار القدرة واعتبار أمر آخر فوق القدرة وهو ملك الزاد والراحلة ، والروايات تعرضت للثاني لاحتياجه إلى بيان دخوله في قيد الاستطاعة ، بخلاف الأوّل فان مجرد القدرة لا محل للتشكيك في اعتبارها في وجوب الحج بعد قوله : ( مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(١) لأن ذلك أوّل درجات الاستطاعة.
ولعل هذا الوجه أولى مما في الحدائق (٢) من حمل الروايات المزبورة المقيدة بخصوص ملك الزاد والراحلة على التقية لأنه مذهب جمهور العامة (٣) ، وبذلك رجح الأخبار الدالة على تفسير الاستطاعة بالأعم من الزاد والراحلة على الأخبار المزبورة ، فراجع وتأمل.
وان شئت فراجع المستند (٤) فانه تعرض للأخبار المشتملة على الزاد والراحلة ، وليس جلها بلسان التفسير ، بل جلها أو كلها بلسان أنه إن ملكهما فهو ممن يستطيع الحج ، ومن الواضح أنه لا دلالة في هذا اللسان على الحصر ، بل أقصى ما فيه أن مالكهما من جملة من يستطيع الحج بمعنى أنه لا يعتبر فيه أزيد من ملكهما ، لا أنه لا يعتبر فيه مطلق القدرة ، بل في صحيحة الحلبي « إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذره الله فيه ، فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام » (٥) وتكاد تكون هذه الصحيحة صريحة في اعتبار القدرة ، وأنه إذا كان تركه لشغل يعذره الله
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) الحدائق الناضرة ١٤ : ٨٤ ـ ٨٥.
(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١٢٢ ، المغني ٣ : ١٦٩ ، لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٦٣٣ وما بعدها.
(٤) مستند الشيعة ١١ : ٢٧ وما بعدها.
(٥) وسائل الشيعة ١١ : ٢٦ / أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٦ ح ٣ ( مع اختلاف يسير ).