التخيير بينهما كان هو المتبع ، وإلاّ كان المرجع هو ما يحكم به العقل من التساقط ونحوه مما حرر في محله من أن الأصل في باب تعارض الأمارات هو التساقط أو التخيير.
ثم بعد إصلاح هذا التدافع التعارضي تصل النوبة إلى التدافع الناشئ عن عدم القدرة المعبّر عنه بالتدافع التزاحمي ، فان كان في البين تصرف شرعي في مقام عدم القدرة بأن قيّد أحدهما شرعا بالقدرة كان غير المقيّد بها مقدّما على المقيد ، وإن كان كل منهما مقيدا بها قدّم المقدم زمانا ، وإن لم يكن في البين تقييد بها في أحدهما كان المرجع في ذلك هو ما يحكم به العقل من الجهات العقلية الموجبة للتقديم في هذه المرتبة من التدافع.
وبالجملة : أن الحاكم في باب التعارض يمكن أن يكون هو العقل بالتساقط أو التخيير ، نعم لو حكم الشارع بالترجيح أو التخيير كان حكمه متبعا ، وسقط الحكم العقلي الذي كان مع قطع النظر عن الحكم الشرعي كما أن الحاكم في باب التزاحم إنما يكون هو العقل فيما إذا لم يكن في البين تصرف شرعي ، أما مع التصرف الشرعي بأن أخذ الشارع القدرة في أحدهما شرطا شرعيا كان لازمه هو سقوطه عند مزاحمته لما هو مشروط بالقدرة العقلية.
ولكن لا يخفى الجواب عن هذه الجهات ، فان ما أفاده شيخنا قدسسره إنما هو بعد فرض ثبوت الترجيح في البابين يكون الحاكم به في باب التعارض هو الشارع وفي باب التزاحم هو العقل ، وإن كان ذلك الحكم العقلي بواسطة كون أحدهما مشروطا بالقدرة الشرعية.
نعم ، يبقى من الترجيح في باب التعارض ما لم يكن راجعا إلى المرجحات السندية ، بل كان راجعا إلى المرجحات الدلالية ، وهو جميع