باب التعارض ، من دون فرق في ذلك بين المضيقين أو الموسع والمضيق أما الثاني فواضح لما عرفت (١) من عدم المزاحمة بين الموسع والمضيق وأما الأوّل فلأن التكليفين وإن كانا مضيقين إلاّ أنهما ليسا مضيقين بالأصالة وإلاّ لكانا من باب التعارض ، وإنما الكلام فيما لو طرأ الضيق على أحدهما بأن كانا معا موسعين ولكن اتفق تضيقهما ، أو كان أحدهما مضيّقا بالأصالة وكان الآخر موسعا ثم طرأه التضييق ، فانهما حينئذ يدخلان في باب التزاحم ، وحينئذ لا تكون الحكومة العقلية إلاّ من قبيل التصرف في مقام الامتثال ، فلاحظ وتأمل.
والحاصل : أن الموسعين لا تزاحم بينهما أصلا سواء كانت القضية خارجية أو كانت كلية حقيقية ، أما المضيقان فان كانت القضية خارجية كانا من باب التعارض ، وكذلك لو كان التزاحم دائميا ولو في القضية الكلية ، كما في وجوب الاستقبال وحرمة الاستدبار ، وكما في وجوب الكون بعرفات يوم التاسع من ذي الحجة ووجوب الكون في المسجد في ذلك اليوم. ولو كانت القضية كلية وكان التزاحم اتفاقيا لم تكن من باب التعارض ، وكانت من باب التزاحم ، ولو قلنا بالحاق عدم القدرة شرعا بعدم القدرة عقلا ، وقلنا بأن عدم القدرة موجب للتقييد ، لزمنا القول بكونهما من باب التعارض ، وكذلك الحال في الموسع والمضيق ، لكن لا فرق فيه على الظاهر بين كون القضية خارجية وكونها كلية ، فانهما على كل حال لا يكونان إلاّ من باب التزاحم ، ولو قلنا بأن عدم القدرة الشرعية موجب للتقييد والتخصيص كانا من باب التعارض لا التزاحم.
وحاصل البحث : أن التقييد بالقدرة في المرحلة الثانية مسلّم لكن
__________________
(١) في صفحة : ١٤٠ وما بعدها.