حين وجوب الصلاة إذا تحقق وجوب القضاء على الفور يلزم تكليف ما لا يطاق وهو باطل ، وإن لم يبق خرج الواجب عمّا ثبت له من صفة الوجوب الفوري. قلنا : لا نسلّم لزوم تكليف ما لا يطاق ، إذ لا يمتنع أن يقول الشارع أوجبت عليك كلا من الأمرين لكن أحدهما مضيق والآخر موسع ، فان قدمت المضيق فقد امتثلت وسلمت من الاثم ، وإذا قدمت الموسع فقد امتثلت وأثمت بالمخالفة في التقديم. والحاصل أن الأمر يرجع إلى وجوب التقديم وكونه غير شرط في الصحة والامتثال. مع انتقاضه بتضيق الوقت ، فانه إن بقي الوجوب لزم ما سبق ، وإن خرج لزم خروج الواجب عن صفة الوجوب ، مع أنه لا دليل على الترجيح إذ هما واجبان مضيّقان قد تعارضا ، فلا بدّ من خروج أحدهما عن صفة الوجوب لئلا يلزم المحذور ، والدلائل تدل على خلافه ، ومع تسليمه فلا دليل يقتضي خروج واحد بعينه من الصلاة في آخر الوقت وقضاء الحق المضيق (١) ، فالحكم بصحة الصلاة في آخر الوقت أيضا باطل لأنه يستلزم الترجيح بلا مرجح (٢) انتهى ما أردنا نقله من كلامه قدسسره وإنما نقلناه بطوله لتطلع على مرامه.
وكأن شيخنا قدسسره يجعل الجزء الأوّل من كلامه إشارة إلى الترتب والجزء الثاني وهو قوله : مع تسليمه ... الخ ، إشارة إلى هذه الجهة أعني ما يقال في النقل عن المحقق قدسسره من أن الانطباق قهري والامتثال وجداني والاجزاء عقلي ، فتأمل في كلامه.
وكيف كان ، فقد ذكر شيخنا قدسسره أن مورد كلام المحقق إنما هو في
__________________
(١) ذكر قدسسره في الأصل عبارة جامع المقاصد هكذا : في أجزاء الوقت ( آخر الوقت ) للحق المضيق ...
(٢) جامع المقاصد ٥ : ١٢ ـ ١٤.