الثالث : الدور الذي عرفته.
الرابع : أن عدم المانع ولو في غير الضدين إنما يكون في مرتبة العلة بالنسبة إلى الممنوع ، فلا يكون إلاّ في صقع المقتضي لذلك الممنوع ، وقد عرفت أن المقتضي هو الارادة ، فتكون مقدمية ترك المانع متوقفة على مانعيته ، وهي أعني المانعية إنما تكون عند المقتضي الذي هو إرادة الممنوع ، فيكون الحاصل أن مقدمية المقدمة متوقفة على إرادة ذيها ، وذلك أسوأ مما عن صاحب المعالم (١) من أن وجوبها موقوف على إرادة ذيها وحينئذ لا محيص لنا من أن نقول إن هذا الترك وإن توقف عليه الفعل الذي هو ذو المقدمة ، إلاّ أن هذا الترك أعني ترك المانع لا يكون واجبا لعدم دخوله تحت الارادة ، وإنما هو في المرتبة السابقة على المراد ، فان ما يعتبر في تأثير الارادة لا يعقل أن يتعلق به التكليف ، لكون التكليف إنما يكون باعثا على تعلق إرادة المكلف ، فلا بدّ أن يكون متعلقه هو ما تحت الارادة أعني المراد ، ولا يعقل أن يكون متعلقه هو ما يكون معتبرا في رشح إرادته ، هذا.
ولكن تقدم (٢) الكلام على ذلك وأن الارادة وأجزاءها من المقدمات ولا مانع من كون مقدمية عدم المانع متوقفة على إرادة ذي المقدمة ، لكن الارادة لا يتعلق بها الوجوب ، وإنما يتعلق الوجوب بما هو تحت الارادة من مقدمات وجود الشيء وأجزاء مقدماته ، حتى علته التكوينية وأجزائها التي يكون عدم المانع من جملتها ، إلاّ أن أحد الضدين ليس بمانع من الآخر ليدخل تحت هذا الحساب ، لما عرفت من محالية ذلك بل محالية التمانع
__________________
(١) معالم الدين : ٧١.
(٢) في صفحة : ١٢٢.