عدم السواد سابقا في الرتبة على البياض كان السواد نفسه حاصلا في تلك الرتبة أيضا ، لأنه نقيضه والنقيض مساو لنقيضه في الرتبة ، فيكون نفس السواد أيضا سابقا في الرتبة على البياض ، وقد كان توأما معه في الرتبة لكونه ضده ، هذا خلف.
ومن ذلك يظهر لك أنه لو كان عدم كل منهما سابقا في الرتبة على الآخر لكان كل منهما سابقا في الرتبة على الآخر ، فيكون كل منهما سابقا في الرتبة على نفسه. ويزيد الطين بلّة في المتناقضين ، فانه لو كان وجود أحد المتناقضين متوقفا على عدم النقيض الآخر بحيث كان عدم أحد النقيضين سابقا في الرتبة على النقيض الآخر ، كان ذلك عبارة اخرى عن ارتفاع النقيضين ، مضافا إلى ما تقدم من الاشكالين في الضدين ، مثلا القيام وعدمه متناقضان ، فلو كان عدم الثاني سابقا في الرتبة على الأوّل الذي هو القيام لكان ذلك عبارة أخرى عن ارتفاع النقيضين ، أما الأوّل وهو القيام فلفرض الكلام في السابق على رتبته ، فهو في تلك الرتبة منتف ، وأما الثاني وهو عدم القيام فلأنا فرضنا كون عدمه سابقا على رتبة القيام ، ففي تلك الرتبة لا يكون عدم القيام حاصلا كما لم يكن القيام حاصلا فيها أيضا وهو ارتفاع النقيضين ، كذا قيل (١).
لكن فيه تأمل ، لأن هذا الاشكال باق حتى لو لم نقل إن عدم أحد النقيضين متقدم رتبة على النقيض الآخر ، فانه لا شبهة في أن القيام مناقض لعدم القيام ، فلا بدّ أن يكونا في رتبة واحدة ، لكن في الرتبة السابقة على القيام لا يكون أحد النقيضين وهو القيام متحققا ، فلو كان النقيض الآخر
__________________
(١) يظهر ذلك مما أفاده القوچاني في حاشيته على الكفاية [ ١ : ١١٢ / تعليقة ٢٣١ منه قدسسره ].