الخاتمة
وأخيرا فهذا ما قد ألهمنيه ربي سبحانه وتعالى ، من الدراسة في قضايا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، والتي تربط صفحات الكون المفتوح بصفحات القرآن المقروء ، وهذا الربط يسهم في إبراز آيات العظمة الإلهية ودلائل الوحدانية ، لينطق كل جزء من هذا العالم المدهش ، بروعة الإبداع وتألّق الصنعة.
والقرآن دعانا إلى التدبر والتمعن والتفكير في العالم حولنا ، لنشاهد يد القدرة التي خلقت الخلق في نظام رتيب ، ودقة بالغة ، وألا نكون من الغافلين عن هذه الآيات ، قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) (١).
لقد رأينا كثيرا من الحقائق العلمية ، التي تكشّفت للعلماء في عصرنا ، قد سبقهم القرآن لإثباتها وتقرير واقعها ، لكن الذي قدمه العلماء هو الكشف عما هو موجود ، ومع الأسف فإن الذي يكشف أسرار هذا الكون ، وينقّب عن غوامضه وخفاياه هم غير المسلمين ، فبعد أن برع أسلافنا في العلوم الكونية والطبيعية ، وخلّفوا لنا ثروة هائلة من المخطوطات ، قام الغرب بترجمتها والاستفادة منها فأصبحت منارة لبداية طريق النهضة والثورة العلمية ، في حين نجد أن المسلمين أعرضوا عن تراثهم التجريبي هذا؟.
لقد قدّم علماؤنا جزاهم الله خيرا كمّا هائلا من الأحكام التشريعية والعلمية ، واستنبطوا الأحكام الفقهية الكثيرة من آيات الأحكام في كتاب الله وسنة المصطفى صلىاللهعليهوسلم فتركوا لنا آلاف المجلدات وعمروا المكتبة الإسلامية وأثروها بخدمتهم للقرآن الكريم وللسنة المطهرة.
لكن لنتساءل إذا كان الفقهاء قد استنبطوا من آيات الأحكام تشريعا ينظم حياة الفرد المسلم والأمة المسلمة ، فلما ذا لا يقوم غير الفقهاء من العلماء ، ويتشرفوا بخدمة
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ١٠٥.