ثانيا : بعد سوقه وتجميع أجزائه (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) أي يجمعه ، فالتأليف هو الجمع ، وتلك هي المرحلة الثانية من تكوين السحابة الركامية ، فالحق عزوجل يجمع بين السحب المتوزعة لتكون سحابة واحدة ، و (ثُمَ) للترتيب مع التراخي ، أي تحتاج عملية تأليف السحب وجمعها إلى شيء من الوقت ، والإشارة العجيبة هنا في التأليف ، وهل يكون التأليف إلا بين المتنافرين ، فكذلك يكون التأليف في السحابة بين الشحنات الكهربائية السالبة والموجبة.
ثالثا : ثم تأني عملية ركم السحاب بعضه على بعض ، (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) أي متجمعا ، يركب بعضه فوق بعض ، وتلك هي المرحلة الثالثة في تكوين السحاب الركامي بالنمو الرأسي كما أثبت العلم.
رابعا : كما أن الآية تشير إلى نزول المطر عند تكامل الركم ، (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) الودق ، المطر (مِنْ خِلالِهِ) بمعنى من فتوقه ومخارجه ، وهذا الذي أشارت إليه أبحاث الأرصاد من مراحل نزول المطر في السحاب الركامي بعد تمام مرحلة الركم ، أي بعد أن يضعف الرفع في السحاب ، أو ينعدم فينزل المطر على الفور ، فيخرج المطر من مناطق الخلل في جسم السحابة.
خامسا : ثم إن الآية تتحدّث عن نشوء جبال من البرد في السماء ، جراء هذا الركام الهائل من السحاب ، (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) ، وقد يصل حجم حبات البرد إلى حجم البرتقالة وبذلك يكون المعنى ، وينزل من السماء بردا أي من جبال لا بد وأن يكون فيها شيء من برد ، والجبال هي السحب الركامية التي في شكل الجبال.
سادسا : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) ففي الآية إشارة علمية واضحة إلى أن البرد يولد البرق ، وهذا ما أثبته العلم ، حيث يقوم البرد بتوزيع الشحنات الكهربائية في جسم السحابة أثناء صعوده وهبوطه ، ثم يقوم بالتوصيل بين الشحنات الكهربائية المختلفة ، فيحدث تفريغا كهربيا هائلا ولهذا نسب الله البرق إلى البرد.
الحقائق العلمية :
تحدّث علماء المناخ عن السحاب الركامي بشكل مستفيض ، خاصة وأن الأجهزة الحديثة سهلت عليهم الكثير من العقبات ، كما أنها وفّرت لهم كمّا هائلا من المعلومات التي كانت في عالم المجهول بالنسبة لهم ، ولسوف نستعرض بعضا مما قدمه العلماء