اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)) ، فإن الواقع فسّر هذه الآية الكريمة وركب الإنسان حقا طبقا عن طبق عند ما نزل على سطح القمر ، واخترق طبقات السماء المتعددة.
(ففي ٢٠ تموز سنة ١٩٦٩ نزل الرائدان الأمريكيان «نيل أرمسترنغ» و «أدوين ألدرين» على سطح القمر ، كأول إنسانين يطئان جرما خارجا عن الأرض ، وتلت هذه الرحلة التاريخية الناجحة ست رحلات من طراز «أوبللو» أنزلت روادا على سطح القمر ... وكان تاريخ نزول «أرمسترنغ» و «ألدرين» في ٢٠ تموز ١٩٦٩ ، وقد بقي الرائدان على سطح القمر مدة ٢٢ ساعة و ٤٠ دقيقة وضعا خلالها أجهزة علمية متنوعة ، كمقياس الزلازل لقياس الهزات القمرية ، وقياس البراكين وغيرها إضافة إلى بعض الرموز التذكارية كعلم أمريكا وغيره ... وقد بدأت الرحلة في ١٦ تموز ١٩٦٩ واستمرت ١٩٥ ساعة و ٢٠ دقيقة ، وأنهت أعمالها في ٢٤ تموز) (١).
الإعجاز :
مما سبق يتّضح لنا أن المفسرين رحمهمالله تعالى ، وعلماء الفلك كذلك قد اختلفوا في وقت وقوع حادثة انشقاق القمر ، فمنهم من ذهب إلى أن القمر قد انشق زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومنهم من رأى بأن القمر من دلائل الساعة وأن انشقاقه سيتزامن مع الأحداث التي تواكب قيام الساعة ، كما أن علماء الفلك قد اختلفوا بين مؤكد على أن القمر قد انشق ، وبين مؤكد على أنه سينشق في المستقبل وتبقى الآية القرآنية معجزة فوق هذا وذاك ، وأنها أثبتت أن القمر قد انشق ، لتكون سباقة إلى إثبات هذه الحقيقة العلمية التي توصل إليها باحثو اليوم.
كما أنّ الناحية العلمية في قوله تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩)) قد اتضحت وأصبحت جليّة للعالم كله ، فلقد اخترق الإنسان عدة طباق ووصل إلى القمر ، وما كان أحد يتصور يوم نزول القرآن ولا يصدق بأن الإنسان سيصعد إلى السماء ، ولا حتى قبل مائتي سنة ، إلا أن القرآن قد أشار إلى إمكانية غزو الفضاء إن ترقّى الإنسان في مدارج العلم ، وملك زمام العلم وسلطانه ، قال تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) (٢).
__________________
(١) المنظومة الشمسية ، عبد الأمير المرتضى المؤمن ، ص : ١٧٣.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٣٣.