علينا ، كما تفعل المرآة المعلقة في الفضاء ، كما أن الأرض نفسها تأخذ نورها من الشمس وتعكسه على القمر ، فيبدو جميلا متألقا ببهائه ولمعانه) (١).
وفي كتاب «القمر» : (ويعتقد كثير من العلماء في الوقت الحالي ، أن قمرنا نشأ بنفس الطريقة التي نشأت بها المجموعة الشمسية ، أي إن القمر انفصل على هيئة لسان ناري أيضا في العصور الأولى للكرة الأرضية عند ما كانت في حالة شبه سائلة) (٢).
ويستنتج الفلكيون هذه الحقيقة (من العمر المديد لصخور النجود القمرية ، أن السطوح الوعرة والمرتفعة على القمر ، تكونت بعد زمن قصير من ولادته ، وربما كان القمر عندها كتلة منصهرة ، الأمر الذي يسمح للمادة الكثيفة الغنية بالحديد بالغوص إلى داخل القمر ، في حين تطفو المادة الأقل كثافة على السطح ، ولدى بلوغ هذه المادة الصخرية الأخيرة السطح ، فقد تبردت وانعقدت مكونة بذلك القشرة القمرية ، وتلا ذلك قصف النجود القمرية بأجرام صلبة من الفضاء ، ونشأ عن ذلك العديد من الفوهات البركانية التي نراها منتشرة هناك ، وفيما كان القمر يتبرد ، كانت قشرته تزداد ثخانة ونظرا لهبوط المادة الأكثف إلى باطن القمر عند ما كان في حالة منصهرة ، فإن الحمم البركانية المندفعة من الأعماق ، كانت أكثف من الصخور السطحية التي انغمرت بها) (٣).
الإعجاز :
إن هذه الحقائق العلمية الحديثة تتفق تماما مع النصوص القرآنية الكريمة ، والتي استعرضناها في صدر المبحث ، فالقرآن قد قرر منذ نزوله على النبي صلىاللهعليهوسلم أن القمر جسم منير ، ولا يوجد فيه إضاءة ذاتية ، كما قرر أن القمر كان مشتعلا يوما ما ثم خمد نوره وانطفأ ، ومع مرور الأيام وتطور أدوات البحث العلمي الحديثة ، ثبت للعلماء مصداقية هذه الحقائق القرآنية المعجزة ، فسبحان الله العليم الخبير.
__________________
(١) المحيط الكوني وأسراره ، نجيب زبيب ، ص : ٦٧ ، وانظر : في أعماق الفضاء ، عبد الحميد سماحة ، بيروت ، دار الشروق ، الطبعة الثالثة ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ ، ص : ٤٣ ، وانظر : الفلك والأنواء في التراث ، علي عبندة ، ١٩٩١ ، ص : ٥٥.
(٢) القمر ، محمد علي المغربي ، القاهرة ، دار المعارف ، الطبعة الثانية ، ١٩٦٦ ، ص : ١٠٩.
(٣) استكشافات ومقدمة علم الفلك ، توماست آرني ، ص : ٢٣٣.