وفي «مختار الصحاح» : (الدخان : دخان النار معروف وجمعه دواخن ، كعثان وعواثن ، على غير قياس ، ودخنت النار ارتفع دخانها ، وبابه قطع وخضع ، وادخنت مثله ، ودخنت النار إذا فسدت بإلقاء الحطب عليها حتى هاج دخانها ، ودخن الطبيخ إذا تدخنت القدر ، والدخن الجاورس والدخنة كالذريرة تدخن بها البيوت) (١).
وفي «مفردات ألفاظ القرآن» نجد أن الدخان هو : (المستصحب للهيب ، قال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) أي هي مثل الدخان ، إشارة إلى أنه لا تماسك لها ، ودخنت النار تدخن كثر دخانها ، والدخنة منه ، لكن تعورف فيما يتبخر به من الطيب) (٢).
ويستخلص من معطيات النص القرآني ما يلي :
١ ـ تم خلق الأرض بعد فتقها من الكتلة الدخانية في يومين (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ).
٢ ـ تم تسوية السموات السبع في يومين كما قال تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) وذلك بعد فتقها والانفجار والانفصال الذي اعتراها بعد ما كانت دخانا ، قال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ).
٣ ـ تمّ تدبير الأرض وتهيئتها وتسخيرها لتعيش عليها المخلوقات في يومين (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) أي الجبال التي تساعد على توازن واستقرار الأرض (وَبارَكَ فِيها) أي زاد فيها الخير والزرع والماء وغير ذلك (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) من أرزاق وأسباب المعيشة.
وينبه إلى أن المقصود بالأيام هنا هي المراحل والحقب الزمنية ، وليست الأيام المعروفة لدينا كما أشار إلى ذلك كثير من المفسرين كما سبق ، ولأن الزمن شيء نسبي كما هو معلوم ، فيوم الأرض ليس كيوم الشمس وليس كيوم المجرة وهكذا ...
ثالثا ـ مرحلة دحو الأرض
قال تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)) (٣).
__________________
(١) مختار الصحاح ، للجوهري ، ١ / ٨٤.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، تحقيق ، صفوان داودي ، دمشق ، دار القلم ، الطبعة الثانية ، ١٤١٨ ه / ١٩٩٧ ، ص : ٣١٠.
(٣) سورة النازعات ، الآيات ٢٧ ـ ٣٠.