أمام ناظرينا ، وعلى الرغم مما لوحظ من تباعد عام لجميع المجرات عن مجرتنا ، إلا أنه تم الكشف عن استثناء وحيد في ذلك ، وهو مجرة (المرأة المسلسلة) التي تبدو وكأنها تتحرك نحونا ، ولقد عرف السبب الحقيقي لذلك منذ وقت قريب ، وهو أن حركة شمسنا في مدارها حول مركز مجرتنا تقع في اتجاه مجرة المرأة المسلسلة) (١).
(ويقوم العلماء حاليا باستعمال مطيافات شديدة القوة والفاعلية لتحليل ضوء النجوم ، وبعد دراسات طويلة توصلوا إلى التأكد من أن الخطوط الطيفية تميل دائما إلى الاحمرار ، وعند ما يبتعد مصدر ضوئي عن المرصد الموجود على الأرض نجد أن تردد الضوء يتضاءل ، وبما أن اللون يحدد تردد الموجات الضوئية ، وأن اللون الأحمر يكون تردده أقل ، فإن العلماء قد استنتجوا أن ميل الخطوط الطيفية إلى الإحمرار إنما يدل على أن كل الأجرام تبتعد عن بعضها ، مما ينتج عنه امتداد للكون بشكل عام) (٢).
الإعجاز :
هذه هي الحقائق العلمية عن توسع الكون ، التي قد توصل إليها العلماء في عصرنا الحاضر ، وأثبتوا كما رأينا من تضافر أبحاثهم ، أن الكون ليس ثابتا جامدا ، إنما هو كون متحرك متوسع ، وهذا الذي وصلوا إليه بعد كل الدراسات الشاقة والأبحاث المضنية ، نجد أن القرآن الكريم الذي نزل على نبيّ أمّيّ صلىاللهعليهوسلم وعلى أمة بدائية تعيش بين بحار من الرمال في فناء الصحراء الواسع ، قد سبق العلماء في إثبات هذه الحقائق العلمية ، وسطرها في صفحاته المجيدة ، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) لتكون سراجا مضيئا يتبصر بها جمهرة البشر معالم بناء حضارتهم ، وسبل الوصول إلى الحق فاليقين ، وليعلم الجميع أن هذا الكتاب حق ، وأنه تنزيل العزيز الحميد.
__________________
(١) قصة نشوء الكون ، مخلص الريس وعلي موسى ، دمشق ، دار دمشق ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٠ ، ص : ٤١.
(٢) موسوعة الكون والفضاء والأرض ، موريس شربل ورشيد فرحات ، بيروت ، دار الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٩ ، ص : ٢٠ وانظر : طرائف علم الفلك ، فيكتور كوماروف ، ترجمة عبد الله حبة ، موسكو ، دار مير ، ١٩٨٥ ، ص : ٢٤ ، وانظر : أحاديث حول اللامرئي ، جان أودوز وآخرون ، ترجمة ، نور الدين عبيد ، الطبعة الأولى ، ٢٠٠٠ ، دمشق ، مكتبة الأهلي ، ص : ٦٦ ، وانظر : احتمالات نهاية الكون ، إعداد قسم التأليف والترجمة في دار الرشيد ، دمشق ـ بيروت ، دار الرشيد ، ١٤٠٨ ه / ١٩٨٨ ، ص : ٢٧.