معارضة القرآن ليست إلا بسبب شعورهم بعجزهم عن هذه المعارضة واقتناعهم بإعجاز القرآن ، وإلا فلما ذا آثروا الملاكمة على المكالمة ، والمقارعة بالسيوف على المعارضة بالحروف) (١).
٥ ـ كما أن الزركشي يورد ردا هاما في هذا الصدد ، لأنه يعتبر القول بالصرفة قولا فاسدا لأن القول بالصرفة هو (زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي ، وخلوّ القرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة ، فإنهم أجمعوا على بقاء معجزة الرسول صلىاللهعليهوسلم العظمى ، ولا معجزة له باقية سوى القرآن ، وخلّوه من الإعجاز يبطل كونه معجزة) (٢).
هذه مجموعة من الردود الموجزة على النظّام ومن تبعه ، وقد تبين من خلال استعراضها بطلان القول بالصرفة التي زعمها هذا الفريق ، وأما بالنسبة للرد على الفريق الثاني الذي يتمثل بالمرتضى ومن تبعه ، فهاك هو :
ثانيا : الرد على المرتضى ومن شايعه :
فهؤلاء زعموا أن الله سلب من العرب العلوم التي يحتاجونها في معارضة القرآن ويتلخّص الرد عليهم بما يلي :
١ ـ نقول : (وهل انحطت علومهم وعقولهم بعد التحدي كما كانت عليه قبل التحدي؟! إننا إذا قارنا بين أساليبهم في الكلام قبل بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم وبعد البعثة ، لم نجد تفاوتا بين أساليبهم ، وعلى هذا الزعم كان ينبغي أن تسفّه أساليبهم بعد التحدي ، ولو أن العلوم سلبت منهم فلما ذا لم يلجئوا إلى كلام فصحائهم من القدماء الذين لم يحضروا عصر التنزيل ، ولم تسلب منهم العلوم ، فيأتوا بقطعة شعرية أو خطبة محفلية فيعارضوا بها القرآن؟ ولما ذا لم ينطقوا بهذا السلب ويشيعوا بأنهم سلبوا علومهم فلا يقدرون على معارضة القرآن؟ ولا يقال : إن ذلك سيكون حجّة عليهم ملزمة لهم لتصديقه ، لأن باب الافتراء كان مفتوحا عندهم ، فكانوا يستطيعون أن يدّعوا أن علومهم
__________________
(١) انظر : مناهل العرفان ، للزرقاني ، ٢ / ٣٠٢ وانظر : الإتقان ، للسيوطي ، ٢ / ٣١٤ ـ ٣١٥ ، وانظر : تفسير القرآن العظيم ، للإمام ابن كثير ، ١ / ٦٣.
(٢) البرهان في علوم القرآن ، للزركشي ، ٢ / ٩٥ ، و ٢ / ١٢٣ ، وانظر : البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ، كمال الدين عبد الواحد الزملكاني ، بغداد ، مطبعة العاني ، تحقيق ، أحمد مطلوب وخديجة الحديثي ، الطبعة الأولى ، ١٣٩٤ ه / ١٩٧٤ ، ص : ٥٣ وما بعدها.