البحث ، ويرغب في التعلم ، بل ويجعل العلم هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الله سبحانه وتعالى ، والوقوف على عظمته وقدرته) (١).
ثم إن جمال الإسلام يكمن في أنه حث على العلم الذي ينفع البشرية ، بغض النظر عن المعتقدات والأديان ، وهذه الحقيقة التي نفتخر بها ، قد ذابت عند الغربيين واضمحلت ، ذلك أن ما توصلوا إليه من طغيان مادي وعلم طبيعي أردى في كثير من الأحيان بالبشرية إلى الخراب ، فقد اخترع لهم علمهم القنابل النووية والراجمات والطائرات القاصفة والمدرعات والدبابات ، فكانت أداة للتدمير والتشريد والتقتيل وسفك الدماء البريئة ، وهدم البنيان ، فأصبح الطفل يقتل وهو رضيع في حضن أمه والعجوز يذبح وأعين أولاده ترمقه ، ومدن بأكملها تشطب معالمها من ساحة الوجود؟!.
ثانيا ـ الإعجاز العلمي سبيل من سبل الدعوة
إن سبل الدعوة إلى الله متعددة ومتنوعة ، وسبب هذا التعدد أن لكل مقام مقالا ينسجم معه ويتوافق مع الجو الذي يجب أن تحقق فيه الدعوة أهدافها.
ويظهر هذا الذي نقول من خلال المناهج التي سلكها الدعاة من رسل وغيرهم ، عند ما قاموا بإعلان دعوة الحق ودحض الباطل والضلال ، ولقد سجّلها القرآن الكريم في صفحاته لتكون الأسوة التي تحتذى ، والقدوة التي يسير وفق برنامجها كل من باع نفسه لله ولدين الله.
ولقد أيّد الحق تبارك وتعالى الرسل والأنبياء بالدلائل والبيانات التي تثبت صدق دعوتهم وأنهم مبعوثون من عند الله ، كما أن هذه البيانات تنسجم مع البيئة والمحيط الذي ظهرت فيه ، وهي تتناسب مع المستوى العقلي والعلمي لدى القوم الذين خوطبوا بها ، قال الله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) (٢) ، فبينة موسى كانت من جنس ما قد انتشر في قومه ألا وهو السحر ، وبينة عيسى إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ، وذلك لأن الطب كان من أبرز ما اشتهر به قوم عيسى عليهالسلام ، فأثبت موسى صدق رسالته بمعجزته العصا ، لما أبطل عمل السحرة ، وأثبت عيسى صدق رسالته لمّا أحيا
__________________
(١) هذا خلق الله ، عبد الحليم كامل ، القاهرة ، المكتبة الأكاديمية ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٤ ، ص ١٥ ،
(٢) سورة الحديد ، الآية : ٢٥.