المبحث الثاني
مرج البحرين يلتقيان
قال تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢)) (١).
وقال تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (٣).
في هذه الآيات إعجاز علمي رائع في عالم البحار ، حيث إنها تتحدث عن بحرين يختلطان لكن دون امتزاج ، بسبب وجود برزخ بينهما ، وقبل أن نثبت الحقائق العلمية التي تفسر هذه الآيات ، نورد أقوال المفسرين لنرى كيف فهموا هذه الآيات القرآنية التي تتضمن بعض الظواهر الكونية ، ولنقف عند التحليل اللغوي لبعض المصطلحات القرآنية هنا.
قال الطبري رحمة الله : (والله الذي خلط البحرين ، فأمرج أحدهما في الآخر ، وأفاضه فيه ، وأصل المرج الخلط ، ثم يقال للتخلية : مرج ، لأن الرجل إذا خلى الشيء حتى اختلط بغيره ، فكأنه قد مرجه ... وإنما قيل للمرج مرج من ذلك ، لأنه يكون فيه أخلاط من الدوابّ ، ويقال : مرجت دابتك : أي خليتها تذهب حيث شاءت) (٤).
__________________
(١) سورة الرحمن ، الآيات : ١٩ ـ ٢٢.
(٢) سورة النمل ، الآية : ٦١.
(٣) سورة الفرقان ، الآية : ٥٣.
(٤) جامع البيان ، للطبري ، ١٨ / ١٥ ، وانظر : معاني القرآن ، لأبي إسحاق إبراهيم بن الري الزجاج ، تحقيق ، عبد الجليل شلبي ، بيروت عالم الكتب ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٨ ه / ١٩٨٨ ، ٥ / ١٠٠.