المجموعات الشمسية التي تتجاوز الأرقام الحسابية التي عرفها البشر! وما أصغر أفكار البشر في شأن مستقبل العالم خرابا أو عمارا فمثل ذلك يجب تفويض الأمر فيه إلى الله تعالى فهو علام الغيوب) (١).
وعند ما يفسر سورة الفيل نجد تجاوزا وتعسفا شديدين في تفسير هذه السورة ، يقول :
(وفي اليوم الثاني فشا في جند الحبش داء الجدري والحصبة ، قال عكرمة : هو أول جدري ظهر في بلاد العرب وقال يعقوب بن عتبة : أول ما رؤيت الحصبة والجدري ببلاد العرب ذلك العام ، ثم يقول : وهذا ما اتفقت عليه الروايات ويصح الاعتقاد به ، وقد بيّنت لنا هذه السورة أن ذلك الجدري أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش بواسطة فرق عظيمة من الطير مما يرسله الله مع الريح ، فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض ... وأن هذا الحيوان الصغير الذي يسمونه بالميكروب لا يخرج عنها ، هذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة ، وما عدا ذلك فهو مما لا يصح قبوله إلا بتأويل إن صحت روايته) (٢).
لا أدري من الذي سوّغ للإمام رحمهالله أن يقحم الميكروب في تفسير السورة مكان الطير الأبابيل ، وما أظن أن في اللغة العربية ومترادفاتها ما يسوّغ أن نطلق على لفظة الطير بالميكروب ، أو بالجدري أو بالحصبة ... ثم إن حماس الشيخ قد دفعه ليجزم قائلا : هذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة ، وما عدا ذلك فهو مما لا يصح قبوله إلا بتأويل إن صحت روايته ، وهذا كما هو واضح تحميل للنص القرآني ما لا يحتمل وما لا يطيق أبدا ، وقد أكثر العلماء في الرد عليه ، وأرى أن المسألة من البطلان بحيث لا تستأهل تضييع الوقت في الرد على مثل هذه التعسفات.
ثانيا ـ عبد الرحمن الكواكبي (٣) :
عند ما يتحدث الكواكبي عن القرآن يصفه بأنه : شمس العلوم وكنز الحكم ، ويعلل
__________________
(١) التفسير العلمي للقرآن ، أحمد عمر أبو حجر ، ص ١٧٣.
(٢) تفسير جزء عمّ ، محمد عبده ، ص ١٦٢.
(٣) ١٢٦٥ ـ ١٣٢٠ ه ، ١٨٤٩ ـ ١٩٠٥ ، عبد الرحمن الكواكبي من الكتاب والأدباء ومن رجال الإصلاح ، تعلم في حلب ، وأنشأ فيها جريدة الشهباء فأقفلتها الحكومة ، وجريدة الاعتدال فعطلت ، وأسندت إليه مناصب عديدة ، ثم ضيق عليه أعداء الإصلاح فسعوا به فسجن ، توفي في مصر وله من المؤلفات : أم القرى ، وطبائع الاستبداد. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٣ / ٢٨٩ بتصرف.